قال ابن عباس علّم اللّه نبيه التواضع لئلا يزهي على خلقه فأمره أن
يقرّ على نفسه بأنه آدمي كغيره الا أنه أكرم بالوحي.
فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ.
أي يأمل حسن لقاء ربّه، و أن يلقاه لقاء رضا و قبول أو يخاف سوء
لقائه، قاله الكشاف 1. ثمّ قال 2: لقاء اللّه مثل للوصول إلى العاقبة من تلقّى ملك
الموت و البعث و الحساب و الجزاء، مثّلت تلك الحال بحال عبد قدم على سيّده بعد عهد
طويل، و قد اطلع مولاه على ما كان يأتي و يذر، فإما أن يلقاه ببشر و ترحيب لما رضي
من أفعاله، أو بضدّ ذلك لما سخطه منها، فمعنى يرجو لقاء اللّه يأمل تلك الحال، و
أن يلقى فيها الكرامة من اللّه و البشرى.
و في المجمع 3 أى يطمع في لقاء ثواب ربّه و يأمله، و يقرّ بالبعث
إليه و الوقوف بين يديه، و قيل: معناه يخشى لقاء عقاب ربّه، و قيل: إنّ الرجاء
يستعمل على كلا المعنيين الخوف و الأمل، و أنشد في ذلك قول الشاعر:
فلا كلّ ما ترجو من الخير كائن
و
لا كلّ ما ترجو من الشرّ واقع
و لا يخفى أنّ حاصل تفسيره لا يبعد مما في الكشاف و أنّ الظاهر كون
الرجاء مجازا في الخوف و الاكتراث كما صرّح في الأساس، بل في الأمل و الخوف جميعا
إن استعمل فتأمّل.
فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً.
أي نافعا متضمّنا للصلاح لا فاسدا متضمنا للفساد و الشر، و في المجمع
أي خالصا 1- الكشاف ج 2 ص 750.