و لا يخفى أنه على تقدير كون الأمر بالاستماع و الإنصات للقرآن في
الصلاة و غيرها يأبى هذا القول قوله تعالى «بِالْغُدُوِّوَ الْآصالِ» اللهمّ إلا أن يراد بهما
مجموع الليل و النهار.
و أما على القول بالاختصاص بالمأموم في الصلاة فأقرب إذ يكفي حمل
الآصال على ما بعد الزوال أو إرادة الدوام كما تقدم.
و أما الحكم في العشائين فمعلوم انه كما في الصبح أو يحمل الآصال على
ما يشتمل وقت العشائين أيضا استحسانا، و ليس ذلك كالأوّل، فإنّهما حيث كانا من
أوقات الصلاة ناسب ذكرهما هنا دون الأول، و على هذا ففيها أمر بالاستعاذة و طلب
الرحمة عند سماع آيتي العذاب و الرحمة في الصلاة، مع الأمر بالإنصات، فهي كالمخصّص
له، و فيه مع ذلك من التقييدات و التجوّزات ما لا يخفى.
و على توجّه الخطاب إلى المأموم المستمع يمكن أن يراد بالذكر في
النفس الذكر بالقلب حال الاستماع و الإنصات، و بالذكر بما دون الجهر من القول
الذكر في باقي الأحوال من اذكار الركوع و السجود و غيرها، لكن يقتضي أن يراد
بالآصال وقت العشائين أو ما يعمّه، أو أن يكون الأول في الصلاة الجهريّة و الثاني
في الصلاة الإخفاتيّة، و لعله أقرب، و كأنّه المراد بما في المجمع.
و روى زرارة [1] عن
أحدهما عليه السّلام قال: «إذا كنت خلف الإمام تأتمّ به فأنصت و سبّح في نفسك» يعني فيما يجهر
الامام فيه بالقراءة، أما أن يراد بالجميع حكم الإخفاتيّة فبعيد يدفعه ذكر الغدوّ
في الآية، و أما ظاهر الحديث فبالجهريّة أنسب و في الحمل عليه ما لا يخفى «وَلا تَكُنْ مِنَ
الْغافِلِينَ» عن ذكر اللّه أو عمّا أمرناك به في هذين الوقتين، أو مطلقا و هو
أظهر، و مع ذلك يحتمل الوجوب حملا على عموم التوجه
[1] الوسائل ج 5 ص 426 الباب 32 من أبواب
صلاة الجماعة المسلسل 10906 ثم لا تغفل عن مراجعة مسالك الافهام تفسير هذه الآية
أيضا فإن فيه أيضا مطالب مفيدة و قد أشرنا في تعاليقنا عليه الى المصادر الأصلية
للأحاديث و لم نكتف بذكر نقل الوسائل.