ج- أنّها لجميع الأمور الّتي أمر بها بنو إسرائيل و نهوا عنها من
قوله «اذْكُرُوانِعْمَتِيَ- إلى-وَ اسْتَعِينُوا» و قيل إنّها لمحذوف هو
مؤاخذة النفس بهما أو تأدية ما تقدّم أو تأدية الصلاة و ضروب الصبر أو الإجابة
للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
«لَكَبِيرَةٌ» لشاقّة ثقيلة من قولك كبر عليّ هذا الأمر، و الأصل فيه أن كل ما يكبر
يثقل على الإنسان حمله، فيقال لكلّ ما يصعب على النفس و إن لم يكن من جهة الحمل
يكبر عليها، تشبيها بذلك.
«إِلَّاعَلَى الْخاشِعِينَ» في المجمع الخشوع و
التذلّل و الإخبات نظائر و ضدّ الخشوع الاستكبار، و أصل الباب من اللّين و
السهولة، و الخاشع و المتواضع و المستكين بمعنى فلكونهم قد وطّنوا أنفسهم على
التواضع و التذلّل و الاستكانة لا يثقل عليهم، و قال مجاهد: أراد بالخاشعين
المؤمنين فإنهم إذا علموا ما يحصل لهم من الثواب بفعلها لم يثقل عليهم ذلك كما أنّ
الإنسان يتجرّع مرارة الدواء لما يرجو به من نيل الشفاء.
في الكشاف: لأنّهم يتوقّعون ما ادّخر للصابرين على متاعبها فتهون
عليهم، أ لا ترى إلى قوله «الَّذِينَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ» أي يتوقّعون لقاء ثوابه و
نيل ما عنده و في مصحف عبد اللّه 1 «يعلمون»
و معناه يعلمون أن لا بدّ من لقاء الجزاء فيعلمون على حسب ذلك، و لذلك
فسّر يظنّون بيتيقّنون، و أما من لم يوقن بالجزاء و لم يرج الثواب، كانت عليه
مشقّة خالصة، فثقلت عليه كالمنافقين و المرائين.
و قال في المجمع بعد حمل الظنّ على اليقين: و قيل إنّه بمعنى الظنّ
غير اليقين أي يظنّون أنهم ملاقوا ربّهم بذنوبهم لشدّة إشفاقهم من الإقامة على
معصية اللّه قال الرّماني: و فيه بعد لكثرة الحذف، و قيل، الّذين يظنّون انقضاء
آجالهم و سرعة موتهم فيكونون أبدا على حذر و وجل و لا يركنون إلى الدنيا، كما يقال
لمن مات لقي اللّه.
«وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ» يقال هنا: ما معنى الرجوع؟
و هم ما كانوا قطّ في 1- و كذا نقله الالوسي في روح المعاني ج 1 ص 228 عن ابن
مسعود.