مع الترك، أو خيرا ممّا ترجون من التجارة و نحوها، و قيل: أي يرزقكم
و إن لم تتركوا الخطبة و الجمعة، و «خَيْرُالرَّازِقِينَ» من قبيل «أَحْكَمُالْحاكِمِينَ»* و «أَحْسَنُالْخالِقِينَ»* إي إن أمكن وجود الرازقين
فهو خيرهم، و قيل الإطلاق على غيره بطريق المجاز، و لا ريب أنّ الرازق بطريق
الحقيقة خير من الرازقين بطريق المجاز.
[صلاة الميت]
الرابعة:
في التوبة [84]وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ
عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ ماتُوا وَ هُمْ
فاسِقُونَ.
«مات»
في موضع جرّ صفة لأحد، و مضيّة بالنسبة إلى فعل الصلاة، و في الكشاف:
و إنّما قيل: مات و ماتوا بلفظ الماضي، و المعنى على الاستقبال على تقدير الكون و
الوجود، لأنه كائن موجود لا محالة، و فيه ما لا يخفى.
«و أبدا» منصوب على أنّه ظرف للنهي تأكيد له و كونه ظرفا للمنهي كما هو
ظاهر بعض إن صحّ فبتكلّف إما للموت كما قال به القاضي و إنّما كسر إنّ في «أنّهم» و إن كان في موضع التعليل،
لتحقيق الاخبار بأنّهم على الصفة الّتي ذكرها، روي 1 أنّه صلّى اللّه عليه و آله
صلّى على عبد اللّه أبيّ و ألبسه قميصه قبل أن ينهى عن الصلاة على المنافقين، عن
ابن عباس و جابر و قتادة.
و قيل: إنه عليه السّلام أراد أن يصلّى عليه فأخذ جبرئيل بثوبه و تلا
عليه: لا تصلّ الآية، عن أنس و الحسن، و روي أنّه كان قد أنفذ إليه قميصه، فقيل له
صلّى اللّه عليه و آله: لم وجّهت بقميصك إليه يكفّن فيه و هو كافر؟ فقال: إنّ
قميصي لن يغني عنه من اللّه شيئا، و إني اؤمّل من اللّه أن يدخل بهذا السبب في
الإسلام خلق كثير، فروي أنّه أسلم ألف من الخزرج لمّا رأوه يطلب الاستشفاء بثوب
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذكره الزجّاج، قال: و الأكثر في الرواية أنّه لم
يصلّ عليه.
و قيل: إنّما فعل ذلك 2 مكافأة له على حسناه في الحديبية فإنّه لما
قال المشركون لا نأذن: لمحمد و لكنّا نأذن لعبد اللّه، قال: لا لي أسوة برسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله 1- المجمع ج 2 ص 57.
2- انظر الكشاف ج 2 ص 298 و في الكاف الشاف ذيله تخريجه.