لياليهم تفوتهم لا يقومون فيها، كما قيل في الآية من أنّ معناها قلّ
ليلة أتت عليهم إلّا صلّوا فيها، أي في قليل من اللّيالي ينامون فلا يصلّون، و ذلك
لأنّ المراد حالهم في لياليهم.
و في المعالم 1: و وقف بعضهم على قوله «قَلِيلًا» أي كانوا من النّاس قليلا، ثمّ ابتدأ «مِنَاللَّيْلِ ما
يَهْجَعُونَ»
و جعله جحدا أي لا ينامون باللّيل، بل يقومون للصّلاة و العبادة، و
هو قول الضحّاك و مقاتل، هذا و لا يخفى أنّه يمكن كون «ما» حينئذ زائدة أو موصولة أو
مصدرية كما تقدّم، و لا يتعين حمله على النّفي كما نقل، هذا.
و عن الكلبيّ و مجاهد و مقاتل «وَبِالْأَسْحارِ
هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» يصلّون و ذلك أنّ صلاتهم لطلب المغفرة، و قيل الاستغفار في الوتر، و
الظاهر الإطلاق كما تقدّم و خصّ الاستغفار بالسّحر مطلقا و مقيّدا في الأخبار
كثيرا، لمزيد الاهتمام بالاستغفار و شرف الوقت، و استعداد الشّخص فيه غالبا.
و في عدّة الدّاعي في أشرف الأوقات، و أما الثّلث الأخير فمتواتر،
قال رسول اللّه 2 صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان آخر اللّيل يقول اللّه سبحانه:
هل من داع فأجيبه؟
هل من سائل فأعطيه سؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب
عليه؟
و روى إبراهيم بن أبي محمود 3 قال: قلت للرضا عليه السّلام: ما تقول
في الحديث الذي يرويه النّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه
تبارك و تعالى ينزل في كلّ ليلة إلى السّماء الدّنيا؟ فقال عليه السّلام: لعن اللّه
المحرّفين الكلم عن مواضعه، و اللّه ما قال رسول اللّه كذلك إنّما قال: إنّ اللّه
تبارك و تعالى ينزل ملكا إلى السّماء الدّنيا في كلّ ليلة في الثّلث الأخير، و
ليلة الجمعة في أوّل اللّيل، فيأمره فينادي هل من سائل فأعطيه سؤله؟ هل من تائب
فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ يا طالب 1- و كذا في اللباب ج 4 ص 181.
2- الوسائل الباب 25 من أبواب الدعاء ج 4 ص 1118 المسلسل 8752 و مثله في
الباب 30 ص 1125 المسلسل 8784 عن عدة الداعي.
3- الوسائل الباب 44 من أبواب صلاة الجمعة ج 5 ص 72 المسلسل 9661.