عباس كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا قرء سبّح اسم ربّك الأعلى
قال سبحان ربّي الأعلى.
و في المعالم 1 سبّح اسم ربّك الأعلى، يعني قل سبحان ربّي الأعلى و
إلى هذا ذهب جماعة من الصحابة و التّابعين، ثمّ بإسناده عن ابن عباس أنّ النبيّ
صلّى اللّه عليه و آله قرء سبّح اسم ربّك الأعلى، فقال سبحان ربّي الأعلى، لكن في
ذلك إشارة إلى مخرج عن تعيينهما في الرّكوع و السّجود فتأمل فيه.
و أكثر القائلين منّا بتعيين التسبيح خيّروا بين هذين و بين سبحان
اللّه ثلاثا، و قد صحّت به روايات عنهم عليهم السّلام، و الاحتجاج بالآية حينئذ
أوضح على ما تقدّم من التفسير بسبحان اللّه، لكن اعتبار الثلاث بالروايات، و قد
ذهب جمع من الأصحاب إلى عدم تعيين التسبيح، و إجزاء كل ذكر يتضمّن الثّناء على
اللّه تعالى لروايات دلّت عليه، و الآية حينئذ إمّا محمولة على الاستحباب، أو يراد
بالتسبيح فيه نحو ذلك، و الأوفق بلفظه أحبّ و أولى و أحوط كزيادة و بحمده كما لا
يخفى.
هذا كلّه من غير حكم بأنّ مراد الآية ذلك، لعدم ثبوته، و احتمال غير
ذلك قال قوم في الآية الثانية: معناه نزّه ربّك الأعلى، و جعلوا الاسم صلة، و قال
آخرون نزّه تسمية ربّك بأن تذكره و أنت له معظّم، و لذكره محترم، و جعلوا الاسم
بمعنى التسمية و قال ابن عباس أي صلّ بأمر ربّك كذا في المعالم.
و في الكشاف تسبيح اسمه عزّ و جلّ تنزيهه عما لا يليق من المعاني
الّتي هي الإلحاد في أسمائه كالجبر و التشبيه و نحو ذلك، مثل أن يفسّر الأعلى
بمعنى العلوّ الذي هو القهر و الاقتدار، لا بمعنى العلوّ في المكان، و الاستواء
على العرش حقيقة، و أن يصان عن الابتذال و الذكر لأعلى وجه الخشوع و التعظيم. و
يجوز أن يكون الأعلى صفة للربّ و الاسم انتهى.
هذا و قد وافق أحمد على وجوب الذكر و قال الشافعيّ و أبو حنيفة
باستحباب الذّكر المقدم، و أنكر زيادة و بحمده لأنّها زيادة لم تحفظ، و توقف أحمد
مع أنّه 1- و انظر أيضا تفسير اللباب للخازن ج 4 ص 369.