ثمّ قال القاضي: و الآية آية سجدة عندنا لظاهر ما فيها من الأمر
بالسّجود، و لقوله عليه السّلام فضّلت سورة الحج بسجدتين من لم يسجدهما فلا
يقرءهما، و هذا يقتضي ترجيحه الاحتمال الثالث الذي اختصّ بذكره، و قد عرفت ما فيه
من البعد، على أنّ الأمر لا يقتضي الفور و التكرار، و إطلاقه يقتضي تحققه لسجدة
الصلاة و غيرها من السجدات الواجبة، و تحقّق الامتثال بها.
ثمّ إنّه يقرب من الاحتمال المذكور أن يكون الرّكوع كناية عن الصلاة
و السّجود على حقيقته الشرعيّة، فيوافقه في المقتضى أو اللغوية فيخالفه، و أن يكون
الرّكوع كما ذكره و السّجود بمعنى الصّلاة فتأمل.
و في الكشاف 1 و عن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول اللّه في سورة
الحجّ سجدتان؟ قال: نعم إن لم تسجدهما فلا تقرءهما و عن عبد اللّه بن عمر: فضّلت
سورة الحجّ بسجدتين و بذلك احتج الشّافعيّ فرأى سجدتين في سورة الحجّ، و أبو حنيفة
و أصحابه لا يرون فيها إلّا سجدة واحدة، لأنّهم يقولون قرن السّجود بالرّكوع فدلّ
ذلك على أنّها سجدة صلاة لا سجدة تلاوة انتهى.
و في المعالم 2 نسب القول بالسّجود عند الآية إلى جماعة منهم علىّ
عليه السّلام و ابن عباس و في التذكرة أنهما سجدا لذلك فان صحّ فبطريق الندب كما
قال أصحابنا بدليل من خارج كالروايات.
وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ: قيل أمر بغير الصّلاة من
سائر العبادات كالصّوم و الحجّ و الزّكوة و الغزو، و قيل: بل أمر بسائرها حتّى
الصّلاة أيضا، و قيل معناه اقصدوا بركوعكم و سجودكم وجه اللّه.
وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ: ثمّ عمّ بالحثّ على سائر
الخيرات، و عن ابن عباس 3:
1- انظر الكشاف ج 3 ص 172 و في الكاف الشاف ذيله تخريجه و انظر أيضا
تعاليقنا في البحث عن الحديث عن مسالك الافهام ج 1 ص 197.
2- و انظر تفسير الخازن أيضا ج 3 ص 299 ففيه تفصيل الأقوال أيضا.
3- الخازن ج 3 ص 298 و الكشاف ج 3 ص 172 و المجمع ج 4 ص 97.