الأرض لا الأرض مطلقا، بل الظاهر دخول شيء منها فيصحّ القول بلا
خدشة، لكن الرواية مرفوعة غير مشهورة، و لا ريب في كونه خلاف الظاهر للاية، فان
الظاهر من مساجد اللّه لا أقلّ خلاف ذلك، و مع ذلك ينافي ظاهر ما روي في شأن
النزول فتفكّر.
أي ما كانوا أهل ذلك و لا جاز لهم، أو ما صحّ و لا استقام لهم، و
المراد ليس لهم عمارة شيء من مساجد اللّه مطلقا، فضلا عن المسجد الحرام، و هو
صدرها و مقدّمها، و هذا أبلغ، و قيل هو المراد كما هو الظاهر على قراءة ابن كثير و
أبى عمرو و يعقوب 1 «مسجد اللّه» لقوله تعالى فيما بعده «وَعِمارَةَ
الْمَسْجِدِ الْحَرامِ» و إنّما جمع لأنّها قبلة المساجد كلّها و إمامها، فعامره كعامر
جميعها، أو لأنّ كلّ بقعة منه مسجد.
«شاهِدِينَعَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ».
بإظهار كفرهم فإنّهم نصبوا أصنامهم حول البيت و طافوا حول البيت عراة
و سجدوا لها كلّما طافوا شوطا، و قيل: هو قولهم «لبّيك لا شريك لك إلّا شريك هو
لك تملكه و ما ملك» عن الحسن، لم يقولوا نحن كفّار، و لكن كلامهم بالكفر شاهد
عليهم بالكفر، و قيل هي اعترافهم بملّة من ملل الكفار كالنصراني بأنّه نصرانيّ.
و روي أنه لمّا أسر العبّاس يوم بدر وبّخ علىّ عليه السّلام العبّاس
بقتال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قطيعة الرحم، فقال العبّاس: تذكرون
مساوينا و تكتمون محاسننا، فقال أ و لكم محاسن؟ قال: نعم، إنّا لنعمر المسجد
الحرام، و نحجب الكعبة، و نسقي الحجيج، و نفكّ العاني: فنزلت 2 و نصب شاهدين على
الحال من الضمير في يعمروا.
«أُولئِكَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ».
من القربات من عمارة المساجد و غيرها، و في الكشاف و الجوامع: الّتي
هي العمارة و الحجابة و السقاية و فكّ العناة، و نحوه في تفسير القاضي فتأمل فيه.
1- انظر تعاليقنا على مسالك الافهام ج 1 ص 187 و ص 188.
2- انظر مسالك الافهام ج 1 ص 188 و الكشاف ج 2 ص 254.