«لَكَبِيرَةً» أي ثقيلة شاقّة إلّا على الّذين هداهم اللّه للثبات و البقاء على
دينه، و الصدق في اتّباع الرسول، و قرئ لكبيرة بالرفع 1، و وجهها أن تكون كان
زائدة.
في الكشاف كما في قوله «و جيران لنا كانوا كرام» و فيه نظر، و يحكى عن الحجّاج أنه قال للحسن
ما رأيك في أبي تراب؟ فقرأ قوله «إِلَّاعَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ» ثمّ قال: و علىّ منهم و هو
ابن عمّ رسول اللّه و ختنه على ابنته، و أقرب الناس إليه و أحبّهم.
وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ اللام لام الجحود لتأكيد
النفي، ينتصب الفعل بعدها بتقدير أن، و الخطاب للمؤمنين تأييدا لهم و ترغيبا في
الثبات، قيل أي ثباتكم على الايمان و رسوخكم فيه، فلم تزلّوا و لم ترتابوا، بل شكر
صنيعكم و أعدّ لكم الثواب العظيم.
و يجوز أن يراد «وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ» بترك تحويلكم لعلمه أن
تركه مفسدة و إضاعة لأيمانكم، و قيل إيمانكم بالقبلة المنسوخة أو صلواتكم إليها، و
به رواية عن الصادق عليه السّلام.
و عن ابن عباس 2: لمّا حوّلت القبلة، قال ناس: كيف أعمالنا الّتي
كنّا نعمل في قبلتنا الاولى، و كيف بمن مات من إخواننا قبل ذلك؟ فأنزل اللّه.
إن قيل: كيف جاز عليهم الشكّ فيمن مضى من إخوانهم و أعمالهم، فلم
يدروا أنّهم كانوا على حقّ في صلاتهم إلى بيت المقدس؟ أجيب بأنّهم تمنّوا ذلك و
أحبّوا 1- انظر شواذ القرآن لابن خالويه ص 10 و قال انه اختيار اليزيدي و نقله في
الكشاف أيضا عن اليزيدي و أنشد بيت الفرزدق و جيران لنا كانوا كرام و انظر البحث
في قراءة لكبيرة بالنصب و اختلاف البصريين و الكوفيين كما أشار إليه المصنف في
الإنصاف الرقم 90 من ص 640 الى ص 643 فالبصريون على أن ان مخففة من الثقيلة و
اللام بعده لام التأكيد و الكوفيون على أن ان نافية و اللام بمعنى الا.