و نحوه في الجوامع، و قرأ ابن كثير «لأمانتهم» 1 لأمن الإلباس، أو لأنّها
في الأصل مصدر، و ربما احتمل في الآية الحمل على المعاني أي عاملون بمقتضاها
فتأمل.
[المحافظة على الصلوات]
وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ.
بأن يقيموها في أوقاتها و لا يضيّعوها، فذكر الصلاة أولا و آخرا
مختلفان ليس بتكرار: وصفوا أوّلا بالخشوع في صلاتهم، و آخرا بالمحافظة عليها، و في
الكشاف 2 و ذلك أن لا يسهوا عنها و يؤدّوها في أوقاتها و يقيموا أركانها و يوكلوا
نفوسهم بالاهتمام بها، و بما ينبغي أن تتمّ به أوصافها، و أيضا فقد وحدت أولا
ليفاد الخشوع في جنس الصلاة، أيّ صلاة كانت و جمعت آخرا ليفاد المحافظة على
إعدادها، في الصلوات الخمس و الوتر و السنن المرتّبة مع كلّ صلاة و صلاة الجمعة و
العيدين و الجنازة و الاستسقاء و الكسوف و الخسوف و صلاة الضحى و التهجّد و صلاة
التسبيح و غيرها من النوافل هذا.
و اعلم أنّ الصلاة المذكورة كلها مرغّب فيها إلّا صلاة الضحى، فإنّها
بدعة عندنا و قول المجمع إنّما أعاد ذكر الصلاة تنبيها على عظم قدرها و علوّ
رتبتها، يريد أنه ينبه على ذلك، إذ حينئذ صفتان من هذه الصفات العظيمة الموجبة
لإرث الفردوس و الخلود فيها باعتبارها، فكأنها تقتضي ذلك، و توجبه من جهتين.
و في البيضاوي 3 و في تقدير الأوصاف بأمر الصلاة و فتحها به تعظيم
لشأنها، و هذا جهة أخرى فتأمّلها.
ثم إنّ في الصحيح عن الفضيل 4 قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن
قوله عز و جل:
«وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ» قال هي الفريضة، قلت «الَّذِينَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ
دائِمُونَ»
قال هي النافلة، و يؤيده ظاهر روايات أخر، بل ظاهر قوله تعالى «حافِظُواعَلَى
الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى» فان ظاهرها في الفرائض و
قد دلّت عليه الرواية أيضا 1- المجمع ج 4 ص 98.
2- الكشاف ج 3 ص 177.
3- البيضاوي ج 3 ص 216 ط مصطفى محمد.
4- انظر نور الثقلين ج 3 ص 530 و البرهان ج 3 ص 109.