ثم لا يخفى أنّ ظاهر حفظ الفرج بإطلاقه يعمّ المباشرة و غيرها كما
تقدّم فالتخصيص بها كما أورد في الوجه الثاني محلّ نظر أيضا، نعم روى 1 عن الصادق
عليه السّلام في قوله تعالى «وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ» أنّ المراد في غيره بحفظ
الفرج الحفظ من الزنا إلّا أنّ فيه تأملا فتدبر.
ثم إنّ القاضي قدّر النفي لا يبذلون، و المعروف تعديته باللام، فيقال
بذل له، و صحّة تعلق على به محل نظر، قال البغوي 2 في المعالم: على بمعنى من أي من
أزواجهم و مجيء على بمعنى من في الكشاف أيضا و لكن إن ثبت فهو خلاف ظاهرها.
و على أى تقدير في الآية دلالة على جواز التزويج و تملك الجارية، و
إباحة التسري، فلا ينبغي اعتقاد أنّه ليس بحسن لكونه غير لائق، أو أنّ حصول الولد
منها عار عليه أو على الولد، أو أنّ الولد منها لا يجيء قابلًا غالبا، و لا تركه
بهذا الاعتقاد كما يفعله بعض الجهلة، و هو ظاهر يدلّ عليه أيضا غير هذه من الآيات،
و الأخبار، بل فيها دلالة على استحبابه و مدح الولد و ردّا على الجهلة أكّد بقوله «فَإِنَّهُمْغَيْرُ
مَلُومِينَ»*
أي غير مستحقّين للؤم، أو خبر في معنى النهي فيكون لومهم على ذلك
حراما البتة.
قيل أي غير ملومين على حفظهم من غيرهنّ و على عدم حفظهم منهنّ، و فيه
نظر لأنّ الحفظ وقع متعلّق مدح عظيم هو علامة الفلاح و مع ذلك فهو معروف الحسن
بيّن الرجحان، فلا يليق توجيهه بنفي اللوم أو تأكيده.
إن قيل: المقدمة الاستثنائية أيضا متعلّق المدح لما تقرّر من أنّ
الاستثناء من الموجب نفي و من النفي إيجاب، فهما في ذلك سواء، و حينئذ فيستفاد
استحباب التزويج 1- انظر تفسير نور الثقلين ج 3 ص 588 و البرهان ج 3 ص 130 تفسير
الآية 32 من سورة النور عن الصادق كل آية في القرآن في ذكر الفروج فهي من الزنا
الا هذه الآية فإنها من النظر.