للمسلمين أمة محمد (ص) باعتبار انهم جماعته الذين آمنوا بهأُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ و للكلام في الآية مقامان- الأول- ان المترائي من الآية ان «كان» ناقصة تدل على ان مضمون
خبرها قد كان في الزمان الماضي و انقضى و انقطع. و من أجل ذلك ذكر في الدر المنثور
عشرة أكثرهم من اهل الصحة عندهم منهم الحاكم في مستدركه اخرجوا عن ابن عباس في ذلك
انه قال: هم الذين هاجروا مع رسول اللّه الى المدينة. و اخرج بعضهم عن عمر قال
تكون لأولنا و لا تكون لآخرنا. و عن عمر ايضا لو شاء اللّه لقال أنتم فكنا كلنا و
لكن قال كنتم في خاصة اصحاب محمد (ص) و من صنع مثل صنيعهم كانوا خير أمة أخرجت
للناس. و في حقائق التنزيل و روي عن الحسن «أي البصري» ان ذلك اشارة الى
الصحابة دون من بعدهم ممن تغيرت حاله، و اختلفت أوصافه. و فيه ايضا روي عن الحسن
انه كان يقول هكذا و اللّه كانوا مرة و بعض المسلمين كان يقول أعوذ باللّه ان أكون
كنتيا
[1] أقول و هذا كله ينظر الى مفاد كان الناقصة و لكن لم يعط معناها حقه
فإنها لو كانت في الآية ناقصة لكانت دالة على انقطاع الصفة التي في خبرها و تبدلها
و باعتبار كون الخطاب فيها للمسلمين تكون من أشد التوبيخ و التقريع بسوء العاقبة
لمن كان موجودا من المسلمين حين نزول الآية و خطابها و قد كان البارز منهم حينئذ
جل الكبار من السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار. فكيف يخاطب القرآن هؤلاء
الأكابر و غيرهم من الأمة في وقت النزول بما يؤدي الى انهم منسلخون حينئذ من صفات
الآية قد انقطعت عنهم بعد ما كانوا حائزين لكرامتها. و لا
[1] يضرب المثل لمن تبدلت حاله و صار
يفتخر بما مضى و فقده من صفاته و يسمونه كنتيا و كذا من أعجزه الهرم فصار يفتخر
بأحواله في شبابه و يقول كنت كذا و كنت كذا. و قد مرّ عليك قول لبيد بن ربيعة:
«قالت غداة انتجينا عند جارتها
أنت
الذي كنت لو لا الشيب و الكبر»
و انشدوا:
«فأصبحت كنتيا و أصبحت طالما
و
شر خصال المرء كنت و طالم»
أي أقول عند الهرم و العجز كنت كذا و كذا و طالما كان كذا و طالما
فعلت كذا و كذا. و قد نصب طالما و رفع على اشتقاقه على سبيل الحكاية اسما من «طالما»