أمة يدعون الآية (و يدفعه أولا) ان هذا خلاف الظاهر و المتداول من
لفظ «من» و ليس في المقام قرينة تصرفها من التبعيض اليه و مما يشهد للتبعيض او
يدل عليه معتبرة مسعدة بن صدقة المروية في الكافي و الخصال و التهذيب و فيها ان
الصادق (ع) استشهد للتبعيض بالآية- و ثانيا- ان هذا المعنى يصرف وجه الكلام عن
الأمر لبعض المسلمين بالمعروف و نهيهم عن المنكر مع حاجتهم الى اللطف بهذا الإصلاح.
بل يكون وجهه هو أمرهم و نهيهم لغيرهم. و هذا مما يأباه عموم لطف الآية و مجد
إصلاحها و كرامة شريعتها. فالظاهر إذن من لفظ «من» و سوق الآية هو التبعيض. و
لذكر الأمة جهتان- الأولى- بيان ان هذا المقام توصلي يراد منه حصول الغرض بمن
يحصله و ليس بتعبدي واجب على كل احد على كل حال بل قد يسقط الوجوب عن كثير من
الناس لعدم تأثيرهم او غير ذلك مما ذكر في شروطه- الثانية- الاشارة الى ان هذا
المقام يحتاج غالبا في تأثيره الى التعاضد و التعاون و إذا ترك المتصدي وحده او شك
أن تحول وحدته دون نهوضه و دون التأثير فيجب تحصيل الأثر بالمعاونة و الاجتماع «و الخير» معروف و هو ما هدى
اليه العقل السليم أو دلّ على فضيلته الشرع. و قد تكفل الدين الحنيف و الشرع
الشريف، و القرآن الكريم بالدلالة على كل خير كالإسلام و الإيمان و المعارف
الدينية.
و كرامة الطاعة و اتباع الحق و العدل و التزين بالأخلاق الفاضلة، و
اسباب التكميل و التهذيب و ترويض النفس و السعادة، و فضيلة العلم، و نظام
الاجتماع، و المدنية، و الصلاح و الإصلاح، و انك إذا تتبعت القرآن الكريم و السنة
الشريفة تجد الدعوة الى ذلك و الأمر بها جارية على أحسن نهج و أعمه و أنفعه، و
أوضحه و أوفقه بالحكمة. و «المعروف»
هو ما يعرف العقلاء و المتشرعة رجحانه في حسنه من دلالة العقل او
الشرع، و «المنكر»
ما أنكره و استبشعه العقلاء و المتشرعة لدلالة العقل أو الشرع على
رداءته. و
في الكافي و التهذيب مسندا عن الباقر (ع) في حديث ان الأمر
بالمعروف و النهي عن المنكر سبيل الأنبياء و منهاج الصلحاء فريضته عظيمة بها تقام
الفرائض و تؤمن المذاهب و تحل المكاسب و ترد المظالم و تعمر الأرض و ينتصف من
الأعداء و يستقيم الأمر الحديث.
و قد شدد الإنذار في السنة و النكير على ترك الأمر بالمعروف و النهي
عن المنكر. و هدد بعقاب الدنيا و وباله قبل الآخرة. فمن ذلك ما
روي في الكافي و عقاب الأعمال و التهذيب مسندا عن الرضا (ع) كان رسول اللّه
(ص) يقول إذا أمتي تواكلت الأمر بالمعروف