الآية للإشارة الى ان عدم الاعتصام به يوجب السقوط في مهواة الضلال و
الهلكةوَ لا تَفَرَّقُوا عن حبل اللّه و الاعتصام
بهوَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أي و لتكن نعمة اللّه
المذكورة على ذكركم دائما فإن لكم فيها موعظة و عبرة تدعوكم الى الاجتماع على
الاعتصام بحبل اللّه و تزجركم عن التفرق عنه. و ذلكمإِذْ كُنْتُمْ في جاهليتكمأَعْداءً بحسب قبائلكم بل و الكثير
من آحادكمفَأَلَّفَ اللّه ببركة الإسلام و الرسولبَيْنَ
قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ عليكم بهذا التأليفإِخْواناً كعادة الاخوان الاشقاء في
كونكم يدا واحدة بقلوب مؤتلفةوَ كُنْتُمْ في شرككم و عدوانكم و اعمالكم الجاهليةعَلى شَفا
حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ أي طرف الحفرة و حافتها مشرفين على السقوط فيها ما بينكم و بينه إلا
الموت و هو قريب منكمفَأَنْقَذَكُمْ و أنجاكممِنْها
في الكافي عن الصادق (ع) فأنقذكم منها
بمحمد (ص)
و نحوه عن العياشي عن الصادق (ع) ايضا و نحوه ما في الدر المنثور
عن الطستي عن ابن عباس
و هو تفسير جليكَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ و منها التأليف بين قلوبكم
بعد تلك العداوات الشديدة و الأحقاد المتوغلة في قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا و
منها انقاذكم من تلك الضلالات المشرفة بكم على الخلود في درك الجحيم يبينها لكملَعَلَّكُمْ تنتبهون و
تَهْتَدُونَ 100 وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ اللام للأمر و «منكم» للتبعيض فالوجوب كفائي
منوط بحصول الغرض كما في التبيان. و الحكم في الآية كسائر التكاليف لطف عام لجميع
الناس و إن كان الخطاب متوجها الى المسلمين لأنهم حينئذ هم المصغون الى خطاب الوحي
و المتلقون لشرائعه بترحيب الإيمان. و في التبيان و قيل «من» لتخصيص المخاطبين من بين
سائر الأجناس مثلها في قوله تعالىفَاجْتَنِبُوا
الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ. أقول يعني ان «من» تفيد هنا ما يسمى في الاصطلاح بالتجريد نحو رأيت منك أسدا و ليكن لي
منك صديق، و كقول الزعيم لأصحابه لينهض منكم جيش و لينتظم منكم صفوف إذا أراد
نهوضهم و انتظامهم بأجمعهم أي كونوا جميعا