و في ذلك النعيم الهنيّوَ رِضْوانٌ
مِنَ اللَّهِ و هو الغاية القصوى لأولي الألباب في النعيموَ اللَّهُ
بَصِيرٌ بِالْعِبادِ و ما يعملون و ما يستحقونه من الجزاء
14الَّذِينَ في هذا بيان لصفات الذين
اتقوا. و ما أكرمها و أحسنها من صفاتيَقُولُونَ
رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا اي يؤمنون و يعترفون للّه بايمانهم و يجعلونه وسيلة الى اللّه في
الدعاء لنجاتهم و غفران ذنوبهمفَاغْفِرْ لَنا
ذُنُوبَنا وَ قِنا عَذابَ النَّارِ 15 الصَّابِرِينَ عن المعاصي و على الطاعات
و على نوائب الدهر تسليما لأمر اللّه و رضى بقضائهوَ
الصَّادِقِينَ و أكرم بها صفة و احسنوَ
الْقانِتِينَ الدائبين في العبادةوَ
الْمُنْفِقِينَ كما أمرهم اللّه و ندبهم اليهوَ
الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ السحر هو الوقت الذي قبيل
طلوع الفجر و هو احسن الأوقات نوعا لحضور القلب في العبادة و الإقبال على المناجاة
و الدعاء، و أبعدها عن مداخلة الرياءشَهِدَ
اللَّهُ
اصل الشهادة من الشهود و الحضور و المعاينة ثم شاعت فيما ينشأ عن ذلك
و نحوه من الاعلام بالأمر و الشيء لإثباته و منه المقام فيقال شهد بكذاأَنَّهُ اي بانهلا إِلهَ
إِلَّا هُوَ
و شهادة اللّه اعلامه بإلهيته و وحدانيته بالدلالات الجلية و الحجج
القاطعة و من ذلك خلقه للعالم و دلائل الحكمة، و قوانين النظام الباهر فيه و دوام
انتظامه على ذلكوَ شهد بذلك ايضاالْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ و هم الذين لم يعمهم الجهل
عن النظر اقلا الى نظام العالم و دوام انتظامه فشهدوا بذلك عن علم و بصيرة و حجة
قيمة يرشدون بها الجاهل و يقاومون بها المعاندقائِماً
بِالْقِسْطِ
في التبيان و روي في تفسيرنا ان في الآية تقديما و تأخيرا تقديره شهد
اللّه انه لا إله الا هو قائما بالقسط و الملائكة الآية اي على انه حال من الضمير «هو» انتهى و فيه ان مثل هذا
الإرسال لا ينهض بإثبات شيء فضلا عن مصادمته بالمتواتر من القراءة و المصاحف، و
في الكشاف جوّز كونه حالا من الضمير ايضا على القراءة المتعارفة، أقول و الأنسب
بكرامة القرآن الكريم في سياقه و أسلوبه المجيد ان يكون حالا من لفظ الجلالة فإنه
هو الذي له عنوان الكلام و وجهه الذي يقرب له البعيد من جملته و يوصل به المنفصل
دون ضمائره فكل ما صلح ان يرتبط به من حال او غيره جره عنوان