الآخرة الدائم فيدفعهم الشوق اليه الى الأعمال الصالحة فلا يستولي
على الناس او يغالطهم العجز بالتصوف البارد، و قد تكاثرت الأحاديث في ان الزهد في
الدنيا هو الورع عن محارم اللّه و قد صرح امير المؤمنين علي (ع) بانه يتعاطى
التقشف في معيشته لأنه رئيس المسلمين و المنظور اليه في الاقتداء فيتسلى بحاله (ع)
من الحّ الفقر عليه و مسته البأساء. و في سورة الأعراف 29يا بَنِي آدَمَ
خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا
تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ 30 قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ
اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ
لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا يتنعمون بها بحسب ايمانهم
الصادق على الحدود المشروعة و الجارية على المصالح و الصلاح «خالِصَةً» من تبعات العقاب و النكال «يَوْمَالْقِيامَةِ»كَذلِكَ
نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ و ما هذا التزيين الا للحكمة
التي خلق اللّه بها للإنسان شهوة و قوى يتنعم بها في الحياة الدنيا بما أحله اللّه
و جعل في الحلال كفاية في الحاجة و بلغة في التنعم و حدد حدوده بنهي العقل و
الشريعة عن الفحشاء و المنكر و البغي و ما فيه المفسدة للشخص و النوع و نظامه و
وعظ في ذلك و انذر و توعد و حذر و أرسل في ذلك الرسل و انزل الكتب و شرع الشرايع و
استحفظ على إقامتها الأئمة، و استخدم لها علماء الامة. نعم ان الذي يزينه الشيطان
ليس هو القسم الذي يبقى به نوع الإنسان، و شرف العمران، و يقوم به نظام الاجتماع.
بل هو خصوص المحرمات و ما فيه فساد النظامذلِكَ اي ما ذكر من المشتهياتمَتاعُ
الْحَياةِ الدُّنْيا الفانيةوَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ و المرجع و هو المآب الذي
لا فناء فيه و لا عناء و لا تكدير في نعيمه فهو الحسن المطلق
13قُلْ يا رسول اللّه للناسأَ
أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ مما هولِلَّذِينَ
اتَّقَوْا
اللّه و رغبوا في رضاه و طلبوا ما عنده و ما أعد لهمعِنْدَ
رَبِّهِمْ
هيجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اي مساقي أشجارها لا بنحو
تكون به كلها من قسم المستنقعات و لا يخفى ما في وصف القرآن من البهجة الفائقة الممتازةخالِدِينَ
فِيها اي في الجنات لا فناء لهم و لا لنعيمها كما يفنى متاع الحياة الدنيا
و أهلها و لا إخراج لهم منهاوَ أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ بما يرغب العقلاء فيه من
طهارة الأزواج في الخلق و الأخلاق