لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر يطلب اللّه شهادته يوم
القيامة و يقبلها منه بحضرة جميع الأمم
وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها ظاهر قوله تعالى في الآية
التي بعد هذهفَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً انها نزلت قبل تحوله (ص)
الى الكعبة و ظاهر السوق ان هذه الآية نزلت قبل تلك مع ان ظاهر قوله تعالى فيهاكُنْتَ
عَلَيْها
كنت تتوجه إليها فيما مضى و صرفت عنها.
فتشكل هذه الظواهر. و لأجل ذلك قال بعضهم أنّ كان تامة بمعنى أنت
عليها. و قال في الكشاف ان التي كنت عليها مفعول ثاني لجعلنا و المقصود من الموصول
مكة أي و ما جعلنا القبلة مكة و فيه تعقيد و مخالفة للاعتبار مع ان الاشكال
المذكور على حاله و يرتفع من أصله بأن قوله كنت عليها لا يختص بما بعد الانصراف
عنها و انقطاع الكون. بل قيل باعتبار الكون الماضي و توجهه (ص) الى بيت المقدس
أشهرا عديدة من دون نظر الى الانقطاع نحووَ كانَ اللَّهُ
غَفُوراً رَحِيماً أي و ما جعلنا بيت المقدس قبلة لك هذه المدةإِلَّا
لِنَعْلَمَ
اللام للعاقبة و الحصر انما هو باعتبار العاقبة لا حكمة التشريعمَنْ يَتَّبِعُ
الرَّسُولَ مِمَّنْ متعلق بنعلم لما في العلم بأحد الفريقين من التمييز له عن الفريق
الآخريَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ و مثل ذلك في القرآن كثير
كما في قوله تعالىوَ لِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ.وَ
لِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا.لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ.وَ
لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ.لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى.إِلَّا
لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ.وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ
الصَّابِرِينَ. و الوجه في كل هذه الموارد و أمثالها واحد و هو ان علمه التابع جل
شأنه و ان كان أزليا أبديا لكن لمقارنته لوجود المعلوم في الخارج أثر و وقع في
الزجر و التوبيخ او البشرى عند الناس. و لأجل هذا الأثر و الوقع جرى مجرى التعبير
بالفعل المستقبل في هذه الموارد باعتبار تلك المقارنة و العلم المقارن و على هذا
النهج جرى التعبير في القرآن الكريم بقوله تعالىيُرِيدُ اللَّهُ كما ورد في اكثر من عشرين
موردا و ان كانت ارادته ازلية و ايضا لو قيل ليقع ذلك لأوهم الجبر مع انه تفوت
فائدة الاعلام بكون اللّه عالما به. و لو قيل ليقع ما هو معلوم للّه بالعلم الازلي
لثارت شبهة الجبر و قالوا اذن ان العبد لا يقدر على الترك إذ يلزم منه ان ينقلب
علم اللّه جهلا و لم يلتفتوا كما لم يلتفتوا الى ان هذا العلم تابع لا اثر له في
قدرة العبدوَ إِنْ كانَتْ