responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 8  صفحه : 26

كما ابتعت العلاء بغير سوم * وأحللت التكال بغير قوم ردي كأس الغناء بغير لوم * فإنك لو سئلت بقاء يوم على الاجل لك لم تطاعي فكم أرغمت أنف الضد قسرا * وأفنيت العدى قتلا وأسرا وأنت محيطة بالدهر خبرا * فصبرا في مجال الموت صبرا فما نيل الخلود بمستطاع عندما صفا العيش لصفي الدين في كنف الملك المنصور غازي وابنه الملك الصالح، حمل شيطان الغزل إلى شاعرنا هبات كثيرة بعضها يعد من الاعلاق، ومن تلك الهبات نونيته التي مطلعها:
قالت: كحلت الجفون بالوسن * قلت: انتظارا لطيفك الحسن وفي هذه القصيدة الرقيقة من الحوار المستحب بين الحبيبين ما يحببها إلى النفس ويرسلها إلى شغاف القلب، وهي من بعد مثقلة ببث العاشق اللجوج واندفاعه في دنيا الصبابة، وبتحفظات المعشوقة المسرفة في الدلال الحلو والمر:
قالت: تسليت بعد ما فرقتنا * فقلت: عن مسكني وعن سكني قالت: تشاغلت عن محبتنا * قلت: بفرط البكاء والحزن قالت: تناسيت، قلت: عافيتي * قلت تناءيت، قلت: عن وطني قالت: تخليت، قلت: عن جلدي * قالت تغيرت، قلت: في بدني فقالت: تخصصت دون صحبتنا * فقلت: بالعين فيك والغبن قالت: أذعت الاسرار قلت لها: * صير سري هواك كالعلن قالت: سررت الأعداء قلت لها * ذلك شئ لو شئت لم يكن قالت: فما ذات تروم؟ قلت لها: * ساعة سعد بالوصل تسعدني قالت: فعين الرقيب تنظرنا * قلت: فاني للعين لم ابن أنحلتني بالصدود منك فلو * ترصدتني المنون لم ترني!
فأنت ترى ان في غزل الحلي عذوبة وطرافة، وهذا لا يعني ان غزله بعيد، أغلبه، عن التشابيه التقليدية المألوفة الملقاة على طريق السابلة من خمر الريق إلى قوام الغصن وبدر التم إلى غير ذلك ولكنه والحق يقال كان يحسن، أحيانا، التصرف بهذه الاستعارات المألوفة المقننة، من ذلك وصفه لجمال حبيبه:
يقولون لي، والبدر في الأفق مشرق * بذا أنت صب؟ قلت: بل بشقيقه وإذا كان هذا البيت من ومضاته، فلشاعرنا في بعض قصائده الغزلية وثبات كقوله:
لولا الهوى ما ذاب من حنينه * صب أصابته عيون عينه متيم لا تهتدي عواده * الا بما تسمع من أنينه والاهتداء بالأنين صورة رائعة لا تخلو من الابتكار، وما أروع استجارته بجيرة الحي، حي الأحباب.
يا جيرة الحي أجيروا عاشقا * ما حاد عن شرع الهوى ودينه باطنه أحسن من ظاهره * وشكه أوضح من يقينه وبعد تسنم شاعرنا هذه الذروة الشاهقة، ينحدر في البيتين اللذين نالا من هذه المقطوعة الرائعة حيث يقول:
لا تحسبوا ما ساح فوق خده * مدامعا تسفح من جفونه فيترك لنا بذلك مجالا فسيحا للتأمل وتوقع الإجادة في وصف دموعه، وإذا به يقول:
وانما ذاب جليد قلبه * فطرفه يرشح من معينه وما أبشع تشببه قلب العاشق بالجليد... ولعله تشبث بالجليد لأنه يذوب، وهو بحاجة إلى مادة تذوب ليشبه بها الدموع، وفاتته المواد التي تنصهر...
ولا شك ان غزل الحلي رائع، إذا جارى الرجل سجيته ولم يبتعد عنها. إما إذا وسوس له شيطان المحاكاة، طلعت سجيته وطفق يقلد وينحدر. يقول عنترة العبسي:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل * مني وبيض الهند تقطر بالدم فيصهر صفي الدين هذا المعنى في أكثر من بوتقة ولكنه لا يضاهي العبسي:
ولقد ذكرتك والسيوف مواطر * كالسحب من وبل النجيع وطله فوجدت انسا عند ذكرك كاملا * في موقف يخشى الفتى من ظله ويقول الحلي أيضا بهذا المعنى:
ولقد ذكرتك والعجاج كأنه * ظل الغني وسوء عيش المعسر والشوس بين مجدل في جندل * منا وبين معفر في معفر فظننت اني في صباح مشرق * بضياء وجهك أو مساء مقمر ولصفي الدين في حلبة المجون والأدب المكشوف جدا أبيات ومقطعات أستحي ان أذكر بعضها.
وعلى اي حال فان الرجل عندما ناهزت سنه الخمسين عزف عن الملذات وحج بيت الله الحرام ومدح الرسول الأعظم ص بثلاث قصائد وأربع أبيات سكب فيها من ذوب قلبه وعصير روحه الشئ الكثير، وهو يرجو فيها الشفاعة ويلتمس الغفران واطفاء نيران الذنوب. وحسبنا ان نلقي نظرة على إحداها ولتكن الهائية. ولا يهمنا فخر صفي الدين بنفسه في هذه القصيدة فقد قرأنا من فخره بنفسه فيما سبق الشئ الكثير، والذي يهمنا هنا ان نلتمس طريقته في مدح الرسول الأعظم ولنبدأ من مشهد الناقة التي كانت تحمل الشاعر إلى بيت الله الحرام وقبر الرسول ص:
ترض الحصى شوقا لمن سبح الحصى * لديه وحيا بالسلام بشيرها إلى خير مبعوث إلى خير أمة * إلى خير معبود دعاها بشيرها ثم يصف الشاعر المؤمن دعوة محمد ص إلى الايمان وكيف اخمد نار المجوس بالتوحيد وكيف زلزل عرش كسرى:
ومن أخمدت مع وضعه نار فارس * وزلزل منها عرشها وسريرها

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 8  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست