responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 2  صفحه : 563

المتنبي فكان خمسة وثلاثين ألف دينار في مدة أربع سنين فلما انتهت مدته عند سيف الدولة استأذنه في المسير إلى اقطاعه وهي ضيعة بالمعرة اسمها صفا فاذن له وامتد باسطا عنانه إلى دمشق إلى أن قصد مصر، فألم بكافور وأقام على كره بمصر إلى أن ورد فاتك غلام الأخشيدي من الفيوم وقادوا بين يديه في مدخله إلى مصر أربعة آلاف جنيبة منعلة بالذهب فسماه أهل مصر فاتك المجنون فلقيه المتنبي في الميدان على رقبة من كافور ومدحه بالقصيدة التي أولها:
لا خيل عندك تهديها ولا مال * فليسعد النطق ان لم يسعد الحال فوصله بما قيمته عشرون ألف دينار ثم مات فاتك فرثاه المتنبي وذم كافورا وانتهز المتنبي الفرصة في العيد للهرب وكان رسم السلطان انه قبل العيد بيوم تهيا الخلع والحملانات وأنواع المبار لجنده ورؤساء جيشه وصبيحة العيد تفرق وثاني العيد يذكر له من قبل ومن رد واستزاد فاغتنم المتنبي غفلة كافور ودفن رماحه برا وسار ليلته هذه والأيام الثلاثة التي كان كافور مشتغلا فيها بالعيد حتى وقع في تيه بني إسرائيل إلى أن جازه على الحلل والاحياء والمفاوز المجاهيل والمناهل الأواجن حتى ورد الكوفة ثم مدح بها دلير بن لشكروز وكان اتى الكوفة لقتال الخارجي الذي نجم بها من بني كلاب وانصرف الخارجي قبل وصول دلير إليها بقصيدته التي يقول فيها:
ولست غبينا لو شربت منيتي * باكرام دلير بن لشكروز لي فحمله على فرس بمركب ذهب، وكان السبب في قصده أبا الفضل ابن العميد ان المعروف بالمطوق الشاشي كان بمصر وقت المتنبي فعمد إلى قصيدته في كافور: أغالب فيك الشوق والشوق أغلب وجعل مكان أبا المسك أبا الفضل وحمل القصيدة إلى أبي الفضل وزعم أنه رسول المتنبي فوصله بألفي درهم واتصل هذا الخبر بالمتنبي ببغداد فقال: رجل يعطي لحامل شعري هذا فما تكون صلته لي. وكان ابن العميد يخرج في السنة من الري خرجتين إلى أرجان يجبي بها أربع عشرة مرة ألف ألف درهم فنما حديثه إلى المتنبي بحصوله بأرجان فلما حصل المتنبي ببغداد ركب إلى المهلبي فاذن له فدخل وجلس إلى جنبه وصاعد خليفته دونه وأبو الفرج صاحب كتاب الأغاني فانشدوا هذا البيت:
سقى الله أمواها عرفت مكانها * جراما وملوكا وبذر فالغمرا فقال المتنبي هو جرابا وهذه أمكنة قتلتها علما وانما الخطا وقع من النقلة فأنكره أبو الفرج. قال الشيخ هذا البيت أنشده أبو الحسن الأخفش صاحب سيبويه في كتابه جراما بالميم وهو الصحيح وعليه علماء اللغة وتفرق المجلس ثم عادوه اليوم الثاني وانتظر المهلبي انشاده فلم يفعل وانما صده ما سمعه من تماديه في السخف واستهتاره بالهزل واستيلاء أهل الخلاعة والسخافة عليه. وكان المتنبي مر النفس صعب الشكيمة فخرج فلما كان اليوم الثالث أغروا به ابن الحجاج حتى علق لجام دابته في صبية الكوخ وقد تكابس الناس عليه من الجوانب وابتدأ ينشد:
يا شيخ أهل العلم فينا ومن * يلزم أهل العلم توقيره فصبر عليه المتنبي ساكنا ساكتا إلى أن نجزها ثم خلى عنان دابته وانصرف إلى منزله وقد تيقن استقرار أبي الفضل بن العميد بأرجان وانتظاره له فاستعد للمسير أقول وبهذا ظهر مر عدم مدحه للمهلبي مع أنه قصد بغداد لأجله الذي قلنا سابقا انه غير ظاهر من كلام المؤرخين. فلما أشرف على أرجان وجدها ضيقة البقعة فضرب بيده على صدره وقال تركت ملوك الأرض وهم يتعبدون بي وقصدت رب هذه المدرة فما يكون منه ثم ارسل غلامه إلى ابن العميد فدخل عليه وقال مولاي أبو الطيب خارج البلد وكان وقت القيلولة وهو مضطجع في دسته فثار من مضجعه واستثبته ثم أمر حاجبه باستقباله فركب واستركب من لقيه في الطريق ففصل عن البلد بجمع كثير فتلقوه وقضوا حقه فدخل على أبي الفضل فقام له من الدست قياما مستويا وطرح له كرسي عليه مخدة ديباج وقال أبو الفضل كنت مشتاقا إليك يا أبا الطيب ثم أفاض المتنبي في حديث سفره وان غلاما له احتمل سيفا وشذ عنه واخرج من كمه درجا فيه قصيدته: باد هواك صبرت أو لم تصبرا فوحى أبو الفضل إلى حاجبه بقرطاس فيه مائتا دينار وسيف غشاؤه فضة وقال هذا عوض عن السيف المأخوذ وأفرد له دارا نزلها فلما استراح من تعب السفر كان يغشى أبا الفضل كل يوم ويقول ما أزورك أكبابا الا لشهوة النظر إليك ويؤاكله وكان أبو الفضل يقرأ عليه ديوان اللغة الذي جمعه ويتعجب من حفظه وغزارة علمه فاظلهم النيروز فأرسل أبو الفضل مع بعض ندمائه إلى المتنبي انه كان يبلغني شعرك بالشام والمغرب وما سمعته دونه فلم يحر جوابا إلى أن حضره النيروز وانشده مهنئا ومعتذرا القصيدة التي أولها:
هل لعذري إلى الهمام أبي * الفضل قبول سواد عيني مداده فأخبرني البديهي سنة 370 ان المتنبي قال بأرجان الملوك قرود يشبه بعضهم بعضا على الجودة يعطون وكان حمل إليه أبو الفضل خمسين ألف دينار سوى توابعها وهو من أجاود زمان الديلم ثم لما ودعه ورد كتاب عضد الدولة يستدعيه فقال المتنبي ما لي وللديلم فقال أبو الفضل عضد الدولة أفضل مني ويصلك باضعاف ما وصلتك به فأجاب ان هؤلاء الملوك اقصد الواحد منهم بعد الواحد واملكهم شيئا يبقى ببقاء النيرين ويعطونني عرضا فانيا ولي ضجرات واختيارات فيعوقونني عن مرادي فاحتاج إلى مفارقتهم على أقبح الوجوه فكاتب ابن العميد عضد الدولة بهذا الحديث فأجاب بأنه مملك مراده في المقام والظعن فسار المتنبي من أرجان فلما كان على أربعة فراسخ من شيراز استقبله عضد الدولة بأبي عمر الصباغ أخي أبي محمد الأبهري صاحب كتاب حدائق الآداب فلما تلاقيا وتسايرا استنشده فقال المتنبي الناس يتناشدون فأخبره أبو عمر انه رسم له ذلك عن المجلس العالي فبدأ بقصيدته التي فارق مصر بها:
ألا كل ماشية الخيزلي * فدى كل ماشية الهيذبي ثم دخل البلد فأنزل دارا مفروشة وخبر أبو عمر عضد الدولة بما جرى وانشده من كلمته قوله:
فلما أنخنا ركزنا الرماح * بين مكارمنا والعلا وبتنا نقبل أسيافنا * ونمسحها من دماء العدا لتعلم مصر ومن بالعراق ومن * بالعواصم اني الفتى واني وفيت واني وفيت واني أبيت * عتوت على من عتا فقال عضد الدولة هو ذا يتهددنا المتنبي. ثم ركب إلى عضد الدولة فلما انتهى إلى قرب السرير قبل الأرض واستوى قائما وقال شكرت مطية حملتني إليك واملا وقف بي عليك ثم سأله عضد الدولة عن مسيره من مصر

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 2  صفحه : 563
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست