responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 2  صفحه : 540

ولكن احسان الخليفة جعفر * دعاني إلى ما قلت فيه من الشعر فسار مسير الشمس في كل بلدة * وهب هبوب الريح في البر والبحر فليس اليوم مجالس الدرس أعمر بشعر المتنبي من مجالس الأنس ولا أقلام كتاب الرسائل أجرى به من ألسن الخطباء في المحافل ولا لحون المغنين والقوالين أشغل به من كتب المؤلفين والمصنفين، وقد ألفت الكتب في تفسيره وحل مشكله وعويصه، وكثرت الدفاتر على ذكر جيده ورديئه، وتكلم الأفاضل في الوساطة بينه وبين خصومه والافصاح عن ابكار كلامه وعونه، وتفرقوا فرقا في مدحه والقدح فيه والنضح عنه والتعصب له وعليه، وذلك أدل دليل على وفور فضله وتقدم قدمه وتفرده عن أهل زمانه، بملك رقاب القوافي ورق المعاني، فالكامل من عدت سقطاته، والسعيد من حسبت هفواته: وما زالت الأملاك تهجى وتمدح.
وقال ابن خلكان: أما شعره فهو في النهاية ولا حاجة إلى ذكر شئ منه لشهرته، لكن الشيخ تاج الدين الكندي كان يروي له بيتين لا يوجدان في ديوانه وكانت روايته لهما بالاسناد الصحيح المتصل به وهما:
أ بعين مفتقر إليك نظرتني * فأهنتني وقذفتني من حالق لست الملوم أنا الملوم لأنني * أنزلت آمالي بغير الخالق قال والناس في شعره على طبقات: فمنهم من يرجحه على أبي تمام ومن بعده، ومنهم من يرجح أبا تمام عليه، وقال أبو العباس أحمد بن النامي الشاعر: وهو من خصومه اللد وممن حط من المتنبي عند سيف الدولة فيما يقال كان قد بقي من الشعر زاوية دخلها المتنبي وكنت أشتهي ان أكون قد سبقته إلى معنيين قالهما ما سبق إليهما أحدهما قوله:
رماني الدهر بالارزاء حتى * فؤادي في غشاء من نبال فصرت إذا أصابتني سهام * تكسرت النصال على النصال والآخر قوله:
في جحفل ستر العيون غباره * فكانما يبصرن بالآذان واعتنى العلماء بديوانه فشرحوه، وقال لي أحد المشايخ الذين أخذت عنهم وقفت له على أكثر من أربعين شرحا ما بين مطولات ومختصرات ولم يفعل هذا بديوان غيره ولا شك أنه كان رجلا مسعودا ورزق في شعره السعادة التامة اه.
وذكر صاحب الصبح المنبي شروح ديوانه التي وقف عليها وما ألف من الكتب فيما يتعلق بشعره فكانت نحو اثنين وأربعين كتابا منها: شرح ابن جني قال وهو أول من شرحه وشرح أبي العلاء المعري المسمى معجز احمد. وشرح أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي. والموضح لأبي زكريا التبريزي. وشرح عبد القاهر الجرجاني. وشرح أبي منصور محمد بن عبد الجبار السمعاني جد صاحب الأنساب. وشرح عبد الرحمن بن محمد الأنباري صاحب نزهة الألباء في طبقات الأدباء. وشرح أبي البقاء العكبري. وشرح محمد بن عبد الله الدلفي في عشرة مجلدات. وشرح أبي بكر الخوارزمي محمد بن العباس. ومن الكتب المتعلقة بشعره: المنصف في سرقات المتنبي للحسن بن محمد بن وكيع. والوساطة بين المتنبي وخصومه للقاضي عبد العزيز الجرجاني وكتاب معاني أبياته لا جني، والتنبيه لعلي ابن عيسى الربعي رد فيه على ابن جني. وكتاب الصاحب إسماعيل بن عباد فيما انتقده على المتنبي. ونزهة الأديب في سرقات المتنبي من حبيب لابن حسنون المصري. والمآخذ الكندية من المعاني الطائية لابن الدهان.
والاستدراك على ابن الدهان للوزير ضياء الدين بن الأثير الجزري.
والتنبيه عن رذائل المتنبي لأحمد بن أحمد المغربي. والرسالة الحاتمية. وجبهة الأدب وكلاهما لأبي الحسن محمد بن المظفر الحاتمي.
قال ولم يسمع بديوان شعر في الجاهلية ولا في الاسلام شرح مثل هذه الشروح الكثيرة سوى هذا الديوان. ولا تداول على ألسنة الأدباء في نظم ونثر أكثر من شعر المتنبي اه وكان ابن جني في علمه وفضله ممن قرأ ديوان المتنبي على المتنبي وشرحه كما سمعت وكان المتنبي يقول ابن جني اعرف بشعري مني.
أقول: وهو مع احسانه فيما أحسن فيه إلى الغاية فله سقطات بالغة حد النهاية وبعضها لا يصدر من صبيان المكاتب وكثيرا ما يضع الدرة بجانب البعرة فهو كما قيل:
أنت العروس لها جمال رائع * لكنها في كل حين تصرع ولا يوجد ذلك لشاعر غيره وهذا عجيب وانا أظن أن سببه اعجابه بشعره ورضاه عن نفسه وقوة بديهته فهو ينظم الشعر ولا يهذبه للعلة المذكورة ويمنعه اعجابه بنفسه ان يلتفت إلى عيب شعره فهو راض عن كل ما يقول والصارم قد ينبو والجواد قد يكبو لكن المتنبي كثير النبوات والكبوات وهو لم يلتفت لنبواته وكبواته وعرفها غيره. ويمكننا ان نجعل هذه السقطات الشائنة دليلا قويا على بلوع الجيد من شعره الدرجة العالية في الحسن فهو قد جعل الخزف بجانب الذهب لكن خزفه لم يؤثر شيئا في ذهب وغطت محاسن الذهب على مقابح الخزف فلو لم يكن هذا الذهب خالصا غالي القيمة لشانه وضعه بجانب الخزف وقال ابن الأثير في المثل السائر: سئل المتنبي عن البحتري وعن أبي تمام وعن نفسه فقال نحن حكيمان والشاعر البحتري وإذا صحت هذه الحكاية كشفت عن انصاف عظيم من المتنبي وعن معرفة تامة وقال ابن الأثير أيضا قال الشريف الرضي في هذا المقام وكلام الشريف شريف الكلام اما أبو تمام فخطيب منبر واما البحتري فواصف جؤذر واما أبو الطيب فقائد عسكر وقد مر عليك في أثناء ما تقدم طرف مقنع من محاسن شعره. ومن روائع نظمه ما قاله في مدح الأمير أبي محمد الحسن بن عبيد الله بن طغج بالرملة من قصيدة:
حسان التثني ينقش الوشي مثله * إذا مسن في أجسامهن النواعم ويبسمن عن در تقلدن مثله * كان التراقي وشحت بالمباسم من الحلم ان تستعمل الجهل دونه * إذا اتسعت في الحل طرق المظالم وان ترد الماء الذي شطره دم * فتسقى إذا لم يسق من لم يزاحم ومن عرف الأيام معرفتي بها * وبالناس روى رمحه غير راحم فليس بمرحوم إذا ظفروا به * ولا في الردى الجاري عليهم بإثم إذا صلت لم أترك مصالا لفاتك * وإن قلت لم اترك مقالا لعالم وإلا فخانتني القوافي وعاقني * عن ابن عبيد الله ضعف العزائم عن المقتني بذلك التلاد تلاده * ومجتنب البخل اجتناب المحارم ولا يتلقى الحرب الا بمهجة * معظمة مذخورة للعظائم وذي لجب لا ذو الجناح أمامه * بناج ولا الوحش المثار بسالم تمر عليه الشمس وهي ضعيفة * تطالعه من بين ريش القشاعم إذا ضوؤها لاقي من الطير فرجة * تدور فوق البيض مثل الدراهم

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 2  صفحه : 540
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست