responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 275

فتأمل هذا البيت الأخير:
ومما يمكن ان يستدل به على تشيعه قوله في المنتصر وقد أحسن إلى العلويين ووصلهم على عكس أبيه من قصيدة:
رددت المظالم واسترجعت * يداك الحقوق لمن قد قهر وآل أبي طالب بعد ما * أذيع بسربهم فابذعر ونالت أدانيهم جفوة * تكاد السماء لها تنفطر وصلت شوابك أرحامهم * وقد اوشك الحبل ان ينبتر فقربت من حظهم ما نأى * وصفيت من شربهم ما كدر وأين بكم عنهم واللقاء * لا عن ثناء ولا عن عفر قرابتكم بل أشقاؤكم * واخوتكم دون هذا البشر ومن هم وأنتم يدا نصرة * وحدا حسام قديم الأثر يشاد بتقديمكم في الكتاب * وتتلى فضائلكم في السور وان عليا لأولى بكم * وأزكى يدا عندكم من عمر وكل له فضله والحجول * يوم التفاضل دون الغرر وقوله من قصيدة:
كنا نكفر من أمية عصبة * طلبوا الخلافة فجرة وفسوقا ونقول تيم قربت وعديها * أمرا بعيدا حيث كان سحيقا ونلوم طلحة والزبير كليهما * ونعنف الصديق والفاروقا وهم قريش الأبطحين إذا انتموا * طابوا أصولا فيهم وعروقا حتى انبرت جشم بني بكر تبتغي * أرث النبي وتدعيه حقوقا وهجاؤه علي بن الجهم الهجاء المقذع لهجوه عليا ع كما مر فان ذلك إذا تأملت لا يصدر إلا من شيعي ولم نر من هجاه لذلك من الشعراء غير البحتري. أما هجاؤه لأحمد بن صالح وولده بما لعله يرجع إلى التشيع كما في ديوانه فلعله كان لبعض حالات الشعراء الذين لا يبالون ما يقولون في هجو من يغيظهم أو يمنعهم، أما تألمه على المتوكل بعد موته مع نصبه فلاحسانه العظيم إليه وعدم عراقة الشعراء في الدين إلا من قل.
شاعريته قال الأستاذ رئيف خوري: إذا جاز فك العناصر التي لا بد منها لتتميم قوام الشعر، فإننا نجد على الأقل أربعة من هذه العناصر:
الصورة والعاطفة والفكرة والجرس الموسيقي. وقد يغلب، بل كثيرا ما يغلب أحد هذه العناصر على شعر شاعر فإذا جاءت الغلبة للصورة كان الشاعر وصافا، وإذا جاءت للعاطفة كان شاعر حسن. وإذا جاءت للفكرة كان شاعر تأمل وجهد عقلي. وإذا جاءت للجرس الموسيقي كان شاعر نغم وإيقاع.
وليس ثمة جدال في أن عنصر الجرس الموسيقي هو عنصر جد ضروري للشعر. بل لعله أهم عناصر الشعر الفارقة ولا سيما ما كان شعرا غنائيا. وبرهان ذلك أننا قد نجد من النثر ما لا يقل حظه من الصورة والعاطفة والفكر عن حظ الشعر. لكنه يبقى أدنى إلى النثر لأنه فاقد الوزن والقافية وهما رأس الوسائل التي بها يتوسل الشعر إلى الموسيقي. ولولا ما يجلبان للشعر من جرس موسيقى رقيق أو فخم رائع لما كان من سبب لأن يقيد بهما الشاعر نفسه.
فإذا صح ما قدمناه وهو على الجملة صحيح لاجتماع أكثر الآراء عليه. ثم إذا نظرنا في ضوء ما قدمناه إلى الحكم الذي أطلقه ابن الأثير على البحتري. رأينا النقادة الشهير يحبس ميزة البحتري في خاصيتين قرن إحداهما بالأخرى. أولا: أن أبا عبادة أحسن سبك اللفظ على المعنى، أي: توافقت عباراته ومعانيه، وثانيا: أنه أراد أن يشعر فغنى، أي:
غلب عنصر الجرس الموسيقي في شعره على كل عنصر آخر في الشعر من صورة وعاطفة وفكرة.
فهل أصاب ابن الأثير في حكمه هذا على شاعرنا البحتري؟.
أما ان البحتري أحسن سبك اللفظ على المعنى فامر لا سبيل إلى الشك فيه. نستطيع أن نلمس ذلك ونتحراه في الألفاظ المفردة التي ينتقيها أبو عبادة، وفي الجمل التي يصوغها من ألفاظه، ثم في صور التعبير التي تدور في كلامه.
وأهم صفة تتحلى بها ألفاظ البحتري المفردة أنها فصيحة مانوسة في الفهم، عذبة سائغة في السمع والنطق، منزهة عن الابتذال، مبرأة من الغلظة والوحشية، وتلك صفة تشيع في ألفاظه حتى في الطور الأول من حياته حين كان بمنبج وجوارها يعيش عيشة أقرب إلى البداوة وخشونة الذوق البدوي. في هذا الطور من حياته وصف أبو عبادة الذئب وقتاله معه فكان قمينا في مثل هذا الموقف أن يستعمل من الألفاظ أعوصها وأجفاها، ولكنه لم يفعل.
قال مثلا يصور ضعف الذئب وهزاله:
له ذنب مثل الرشاء يجره ومتن كمتن القوس أعوج مناد طواه الطوى ثم استمر مريره فما فيه إلا العظم والروح والجلد فليس في هذا الشعر لفظ يجهله من أصاب من العربية قسطا حتى قوله: الرشاء الحبل ومناد منحن والطوى الجوع واستمر مريره تشدد بعد وهن.
ولقد قويت هذه الصفة في ألفاظ البحتري في الطور الثاني من حياته حين انتقل إلى ضفاف دجلة، فاحتك بمتارف الحضارة ومباهج الطبيعة في العاصمتين العباسيتين: بغداد وسامراء. فازدادت ألفاظه أنسا في الفهم وانسياغا في السمع والنطق وتنزها عن الابتزال وتبرءا من الغلظة والوحشية. بل طبعت ألفاظه بطابع جديد لم يكن لها من قبل، هو طابع الأناقة والصقل والرونق.
وحسبنا هذه الأبيات له في وصف الربيع:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا * من الحسن حتى كاد أن يتكلما وقد نبه النوروز في غلس الدجى * أوائل ورد كن بالأمس نوما يفتقها برد الندى فكانه * يبث حديثا كان أمس مكتما ثم هذه الأبيات في وصف بركة المتوكل:
تنصب فيها وفود الماء معجلة * كالخيل خارجة من حبل مجريها كأنما الفضة البيضاء سائلة * من السبائك تجري في مجاريها فحاجب الشمس أحيانا يضاحكها * وريق الغيث أحيانا يباكيها إذا النجوم تراءت في جوانبها * ليلا حسبت سماء ركبت فيها

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست