responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 82

السنة من زيارتهم والصلاة في جماعاتهم وتشييع جنائزهم وعيادة مرضاهم وتجنب كل ما يوغر صدورهم حتى يقولوا رحم الله جعفر بن محمد ما أحسن ما أدب به أصحابه، وهذه الوصية القيمة من الإمام جعفر بن محمد الصادق هي لشيعته المعروفين عند أهل السنة بالتشيع بدليل قوله حتى يقولوا رحم الله جعفر بن محمد ما أحسن ما أدب به أصحابه فإنهم لو لم يكونوا معروفين بذلك لم يكن فعلهم هذا سببا لذلك القول. وأنتم أيها الأخوان من السنيين والشيعيين لا تتركوا العمل بوصية نبيكم ص من اللين والتساهل مع كل أحد ولما أمر به ربكم في كتابه العزيز نبيه الأكرم ص من معاملة الخارجين عن ملة الاسلام بالرفق واللين تعليما لكم وتهذيبا لأخلاقكم بقوله تعالى وجادلهم بالتي هي أحسن وغيرها من الآيات البينات. إن الذي يدخلكم في حوزة الاسلام عند المتأمل المنصف حاصل لكل منكم وما اختلفتم فيه لا يخرج واحدا منكم عن هذه الحوزة وحساب كل منكم على ربه والله تعالى يقول لنبيه ص ما عليك من حسابهم من شئ أ فرفع الله تعالى حسابكم عن نبيه وأوكله إليكم نسأله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه الصلاح والاصلاح.
كما إننا نستميح العذر ممن يطالع كتابنا هذا ان عثر منا على هفوة أو كلمة تخالف ما سطرناه في هذه النصيحة قد تدعو إليها غفلة أو ثوران غضب أو عاطفة أو يضطرنا إليها بيان حقيقة فينسبنا إلى مخالفة القول للعمل فان الإنسان محل الغلط والنسيان، والمعصوم من عصمة الله. ولسنا نرمي في مقاصدنا إلا إلى لم الشعث وإصلاح ذات البين إن شاء الله وبالله التوفيق.
البحث السابع في سبب انتشار التشيع في بلاد الاسلام من مبدأ الدعوة الاسلامية إلى اليوم قد عرفت في البحث الأول أن التشيع لعلي ع وجد في عهد النبي ص فكان جماعة من الصحابة يتشيعون له وعرفت في البحث الثاني إنه ظهر التشيع له عند حدوث الاختلاف في أمر الخلافة يوم وفاة النبي ص فتشيع له جميع بني هاشم وبني المطلب وانضم إليهم الزبير ورجال من المهاجرين ورجال من الأنصار فاحتجوا على تأخره في الخلافة حتى إنه كان منهم من بني أمية أعداء بني هاشم وخصوصا العلويين خالد بن سعيد بن العاص وكان أخوه أبان أيضا من الشيعة ومر ان كثيرا من الصحابة رجعوا إلى أمير المؤمنين وكانوا معه في حروبه فكان معه في صفين سبعة وثمانون رجلا من أهل بدر منهم سبعة عشر من المهاجرين وسبعون من الأنصار وشهد معه من أهل بيعة الشجرة تسعمائة وكان جميع من شهد معه ألفين وثمانمائة وسيأتي في البحث التاسع عند الكلام على الفقهاء والمحدثين أنه كثر التشيع في التابعين وتابعي التابعين كثرة مفرطة وقد انتشر التشيع في جميع أقطار الأرض فلم يبق منها قطر إلا وقد دخله التشيع فكان في الحجاز: في المدينة ومكة والطائف، وفي العراق: في الكوفة والبصرة وغيرهما، وفي البحرين ونواحيها، وفي الموصل والجزيرة وبلاد الشام كلها واليمن وفي مصر وبلاد المغرب وأفريقية وبلاد الأندلس وبلاد البربر وبلاد فارس وخراسان وما وراء النهر وأفغانستان والهند والسند والتبت وبلاد الترك والأناضول.
وقد كان أكثر أهل بلاد الشام شيعة في عصر ابن جبير كما ذكره في رحلته.
وأهل حلب وطرابلس الشام وأكثر سواحل سورية كان الغالب عليهم التشيع وفقهاء حلب من الشيعة حالهم معلوم حتى قيل إنهم كانوا يقولون بوجوب الاجتهاد عينا، وبنو زهرة الاشراف كانوا نقباء حلب وفيهم عدة من الفقهاء. وبقي التشيع في حلب منتشرا إلى حوالي المائة السادسة فقتلت الشيعة فيها قتلا عاما وتفرق من سلم منهم في الأقطار وجملة منهم جاءوا إلى دمشق وسكنوها إلى اليوم منهم آل الواسطي وآل اللحام. وربما دل هذا على أن الخوف كان في دمشق أقل منه في حلب أو لا خوف فيها.
وابن البراج تولى قضاء طرابلس الشام ثلاثين سنة وذلك في أواسط المائة الخامسة. وانتشر التشيع في جبل عامل وسواء أ كان مبدأه من وقت نفي أبي ذر أم لا فمما لا يشك فيه أنه في المائة السادسة كان جل أهلها شيعة ويستفاد من رحلة ناصر خسرو التي كانت في القرن الرابع انتشار التشيع فيها في ذلك العصر.
وأما صيدا فكان أكثر أهلها شيعة في المائة الرابعة وأهل حمص كان الغالب عليهم التشيع في ذلك العصر وما قاربه.
ويرجع السبب في انتشار التشيع في جميع البلدان هذا الانتشار إلى أنه مذهب الفطرة فكان ينتشر بأقل دعاية بل وبدون دعاية إذا وجد من يحميه بل مع عدم وجود من يحميه فكما أن الاسلام أصله هو دين الفطرة تقبله النفوس لأول وهلة لأنه يدعو إلى عبادة رب واحد لا شريك له ونبذ عبادة الأصنام والأحجار والبشر وإلى العدل والمساواة وكل عمل وخلق حسن وينهى عن كل عمل وخلق قبيح كذلك التشيع في الاسلام هو مذهب الفطرة تقبله النفوس لأول وهلة لأن قطبه الذي يدور عليه بعد الاقرار بالشهادتين والاعتقاد بضروريات الاسلام هو موالاة أهل البيت ع وتقديمهم على من سواهم. وهذا أصبح لكثرة ما يدل عليه كالبديهي فان نظرنا إلى أولهم وسيدهم علي بن أبي طالب وجدنا له من الفضائل والمزايا ما لا يشاركه فيه غيره عند ذي النظر الصحيح الخالي من شوائب الهوى والتقليد كما يظهر من سيرته المتكفل بها الجزء الثالث من هذا الكتاب وإن نظرنا إلى ذريته الأحد عشر وجدناهم أفضل أهل زمانهم في جمعهم لكل ما يوجب الكمال والفضل كما يظهر من سيرتهم الآتية في أجزاء هذا الكتاب أيضا فلهذا انتشر التشيع بسرعة في أقطار الدنيا مع الضغط والخوف الشديدين البالغين أقصاهما في جل الدول الاسلامية على الدم والعرض والمال وهي كل ما يحافظ عليه المرء في حياته. ولهذا كان التشيع يقل أو يعدم في بعض البلاد عند اشتداد الخوف والمجازاة عليه بالقتل فما دونه كما وقع في حلب وإفريقية وغيرهما ويفشو وينتشر عند وجود من يحميه من دولة شيعية أو عدم الخوف من الدولة الحاكمة وإن لم تكن شيعية فأوجب ذلك قبول التشيع بسرعة وسهولة حيث كان موافقا للفطرة والمنطق، والخوف مرتفع فوجد المقتضي لقبوله وفقد المانع. فلما سكن علي ع العراق تشيع كثير من أهل الكوفة والبصرة وما حولهما ولما تفرقت عماله وشيعته في البلاد كان كل من دخل منهم بلادا تشيع كثير من أهلها وانتشر التشيع في الموصل والجزيرة لما حكمها الحمدانيون ولما ذهب علي ع إلى اليمن في زمن النبي ص فاتحا أولا وقاضيا ثانيا وغازيا ثالثا كان جل أهلها على التشيع. أما مصر فإنه وإن كان الكثير من أهلها شيعة في وقت فتنة عثمان دخلوا في التشيع لا لسبب غير معرفتهم الفضل لأهله إلا

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست