responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 586

أخذوا بذنب دابته فقال لهم عبد الله بن مسلم الباهلي لما كثروا تأخروا هذا الأمير عبيد الله بن زياد وحسر اللثام عن وجه وقال أنا عبيد الله فتساقط القوم ووطئ بعضهم بعضا وسار حتى وافى القصر بالليل فاغلق النعمان ابن بشير عليه وعلى خاصته فناداه بعض من كان مع زياد ليفتح لهم الباب فاطلع عليه النعمان وهو يظنه الحسين ع فقال أنشدك الله إلا تنحيت والله ما أنا بمسلم إليه أمانتي وما لي في قتالك من أرب فجعل لا يكلمه ثم أنه دنا فتدلى النعمان من شرف القصر فجعل يكلمه فقال ابن زياد افتح لا فتحت فقد طال ليلك يا نعيم ففتح له النعمان فدخل وضربوا الباب في وجوه الناس وانفضوا وأصبح ابن زياد فنادى في الناس الصلاة جامعة فاجتمعوا فخطبهم وتوعد العاصي بالعقوبة والمطيع بالاحسان وقال الصدق ينبئ عنك لا الوعيد ونزل وأخذ الوفاء والناس أخذا شديدا فقال اكتبوا لي الغرباء ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين فمن لم يفعل برئت منه الذمة وحلال لنا دمه وماله وإيما عريف وجد في عرافته من بغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه إلينا صلب على باب داره وألغيت تلك العرافة من العطاء ولما سمع مسلم بن عقيل مجئ عبيد الله إلى الكوفة ومقالته التي قالها خرج من دار المختار إلى دار هاني بن عروة في جوف الليل فأخذت انصاره يختلفون إليه في دار هاني على تستر واستخفاء وألح عبيد الله في طلب مسلم ولا يعلم أين هو وكان شريك بن الحارث الهمداني لما جاء من البصرة مع عبيد الله بن زياد نزل دار هاني فمرض فأرسل إليه ابن زياد أنه يريد أن يعوده فقال لمسلم إذا جلس أخرج إليه فاقتله ونهاه هاني ولما أراد الخروج تعلقت به امرأة لهاني وبكت في وجهه وناشدته الله أن يفعل وخرج ابن زياد ومات شريك من مرضه ذلك ولما خفي على ابن زياد أمر مسلم عمد إلى التجسس فدعا غلاما له اسمه معقل ودفع إليه أربعة آلاف درهم وأمره بحسن التوصل إلى أصحاب مسلم وأن يدفع إليهم المال ليستعينوا به ويظهر لهم أنه منهم من أهل حمص فجاء إلى مسلم بن عوسجة فاغتر بكلامه وأدخله على مسلم بن عقيل فأخبر ابن زياد بكل ما أراد وبلغ الذين بايعوا مسلما خمسة وعشرين ألف رجل فعزم على الخروج، فقال هانئ لا تعجل، وخاف هانئ عبيد الله على نفسه فانقطع عن مجلسه وتمارض فدعا ابن زياد محمد بن الأشعث وحسان بن أسماء بن خارجة وعمرو بن الحجاج الزبيدي وكان هانئ متزوجا رويحة بنت عمرو هذا فقال لهم ما يمنع هانئ من زيارتنا قالوا إنه مريض قال بلغني أنه برئ وإنه يجلس على باب داره فالقوه ومروه أن لا يدع ما عليه من حقنا فاني لا أحب أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب وقالوا ما يمنعك من لقاء الأمير فإنه قد ذكرك، قال المرض، قالوا بلغه أنك برئت، وأقسموا عليه أن يذهب معهم، فذهب، ولم يكن حسان يعلم بشئ مما كان، وكان محمد بن الأشعث عالما به فلما دخل على ابن زياد قال: ايه يا هانئ ما هذه الأمور التي تربص في دارك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له الجموع والسلاح في الدور حولك وظننت أن ذلك يخفى علي فأنكر هانئ أن يكون قد فعل، فدعا ابن زياد معقلا، فعلم هانئ أنه كان عينا عليهم فسقط في يده ساعة ثم راجعته نفسه وجعل يعتذر إلى ابن زياد بأنه دعا مسلما إلى منزله وإنما جاءه يسأله النزول فاستحيا من رده وداخله من ذلك ذمام وأنه يذهب الآن فيخرجه، فقال ابن زياد والله لا تفارقني حتى تأتيني به فقال لا والله لا أجيئك به، أجيئك بضيفي تقتله. وخلا به مسلم بن عمرو الباهلي ليقنعه بان يأتي به فابى، فقال ابن زياد والله لتأتيني به أو لأضربن عنقك، قال إذا تكثر البارقة حول دارك، فقال وا لهفاه عليك أبالبارقة تخوفني؟ وهانئ يظن أن عشيرته سيمنعونه، ثم قال: أدنوه مني فاستعرض وجهه بالقضيب حتى كسر أنفه وشق حاجبه ونثر لحم جبينه وخده على لحيته وسالت الدماء على ثيابه ووجهه ولحيته وكسر القضيب، وضرب هانئ يده على قائم سيف شرطي وجاذبه الشرطي ومنعه، فقال عبيد الله: أ حروري سائر اليوم، قد حل دمك، جروه فجروه فألقوه في بيت من بيوت الدار وأغلقوا عليه بابه وجعلوا عليه حرسا، فقام إليه حسان بن خارجة فقال: أ رسل غدر سائر اليوم؟! أمرتنا أن نجيئك بالرجل حتى إذا جئناك به فعلت به هذا، فقال عبيد الله: وأنك لهاهنا فامر به فضرب وتعتع واجلس ناحية، فقال محمد بن الأشعث: رضينا بما رأى الأمير، لنا كان أم علينا إنما الأمير مؤدب. وبلغ عمرو بن الحجاج أن هانيا قد قتل فاقبل في مذحج حتى أحاط بالقصر فقال ابن زياد لشريح القاضي ادخل على صاحبهم فانظر إليه ثم أعلمهم أنه حي ففعل فقالوا أما إذا لم يقتل فالحمد لله وانصرفوا.
وهكذا يتمكن الظالم من ظلمه بأمثال محمد بن الأشعث من أعوان الظلمة وأمثال شريح من قضاة السوء المظهرين للدين المصانعين الظلمة اللابسين جلود الكباش وقلوبهم قلوب الذئاب وبأمثال مذحج الذين اغتروا بكلام شريح وانصرفوا ولم يأخذوا بالحزم. ولما ضرب عبيد الله هانئا وحبسه خاف ان يثب به الناس فخرج فصعد المنبر ومعه أشراف الناس وشرطه وحشمه وخطب خطبة موجزة وحذر الناس وهددهم.
خروج مسلم في الكوفة وكان مسلم أرسل إلى القصر من يأتيه بخبر هانئ فلما أخبر أنه ضرب وحبس، قال لمناديه ناد يا منصور أمت، وكان ذلك شعارهم فنادى فاجتمع إليه أربعة آلاف كانوا في الدور حوله. وقال المسعودي اجتمع إليه في وقت واحد ثمانية عشر ألف رجل فسار إلى ابن زياد فما نزل ابن زياد حتى دخلت النظارة المسجد يقولون جاء ابن عقيل فدخل عبيد الله القصر مسرعا وأغلق أبوابه وقدم مسلم مقدمته وعبا أصحابه ميمنة وميسرة ووقف هو في القلب وأقبل نحو القصر وتداعى الناس واجتمعوا حتى امتلأ المسجد والسوق وضاق بعبيد الله أمره وبعث إلى وجوه أهل الكوفة فجمعهم عنده وليس معه إلا ثلاثون رجلا من الشرط وعشرون رجلا من أشراف الناس وخاصته وجعل من في القصر مع ابن زياد يشرفون على أصحاب مسلم وأصحاب مسلم يرمونهم بالحجارة ويشتمونهم ويفترون على عبيد الله وامه وأبيه، فدعا ابن زياد كثير بن شهاب وأمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج ويخذل الناس عن ابن عقيل ويخوفهم وأمر محمد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من كندة وحضرموت فيرفع راية أمان وأمر جماعة من الاشراف بمثل ذلك وحبس باقي وجوه الناس عنده استيحاشا إليهم لقلة من معه وأقام الناس مع ابن عقيل يكثرون حتى المساء وأمرهم شديد، وأمر ابن زياد من عنده من الاشراف أن يشرفوا على الناس فيمنوا أهل الطاعة الزيادة والكرامة ويخوفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة وجعل كثير يخذل الناس ويخوفهم باجناد الشام فاخذوا يتفرقون، وكانت المرأة تأتي ابنها وأخاها فتقول انصرف، الناس يكفونك، ويجئ الرجل إلى ابنه وأخيه ويقول غدا يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب حتى أمسى ابن عقيل في خمسمائة فلما اختلط الظلام جعلوا يتفرقون فصلى المغرب وما معه إلا ثلاثون

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 586
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست