responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 587

نفسا فتوجه نحو باب المسجد فلم يبلغه إلا ومعه عشرة أنفس فخرج من الباب فإذا ليس معه أحد. ومن هنا يعلم أن مسلما رضوان الله عليه لم يقصر في حزم ولا تدبير وأنه أصيب من جهة خذلان أهل الكوفة، فمضى على وجهه متلددا في أزقة الكوفة حتى باب امرأة اسمها طوعة ولها ولد اسمه بلال كان قد خرج مع الناس وأمه قائمة تنتظره فسلم عليها ابن عقيل فردت عليه السلام وطلب منها ماء فسقته وجلس ودخلت ثم خرجت فقالت يا عبد الله أ لم تشرب قال بلى قالت فاذهب إلى أهلك فسكت ثم أعادت مثل ذلك فسكت فقالت سبحان الله يا عبد الله ثم عافاك الله إلى أهلك فإنه لا يصلح لك الجلوس على بأبي ولا أحله لك فقام وقال يا أمة الله ما لي في هذا المصر أهل ولا عشيرة فهل لك في أجر ومعروف ولعلي مكافيك بعد اليوم قالت وما ذاك قال أنا مسلم بن عقيل قالت أنت مسلم قال نعم قالت ادخل فدخل إلى بيت في دارها غير الذي تكون فيه وفرشت له وعرضت عليه العشاء فلم يتعش، وجاء ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت والخروج منه فاستراب بذلك ولم يزل بها حتى أخبرته، وجعل ابن زياد لا يسمع لأصحاب ابن عقيل صوتا كما كان يسمع فقال لأصحابه ان يشرفوا فينظروا هل يرون أحدا فلم يروا أحدا ونزعوا الخشب من سقف المسجد ودلوا شعل النار والقناديل فلم يروا أحدا فاخبروه بتفرق القوم فخرج بأصحابه إلى المسجد ونادى مناديه برئت الذمة من رجل من الشرط والعرفاء والمناكب والمقاتلة صلى العتمة إلا في المسجد فامتلأ المسجد من الناس فصلى بهم وأقام الحرس خلفه ثم صعد المنبر وقال إن ابن عقيل السفيه الجاهل قد أتى ما رأيتم من الخلاف والشقاق فبرئت ذمة الله من رجل وجدناه في داره ومن جاء به فله ديته اتقوا الله عباد الله ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا، يا حصين بن تميم وهو صاحب شرطته ثكلتك أمك إن ضاع باب من سكك الكوفة وخرج هذا الرجل ولم تأتني به وقد سلطتك على دور أهل الكوفة ثم دخل القصر فلما أصبح جلس مجلسه وأذن للناس فدخلوا عليه وأقبل محمد بن الأشعث فقال له مرحبا بمن لا يستغش ولا يتهم واقعده إلى جنبه، وجاء ابن تلك المرأة فأخبر عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بمكان مسلم من أمه، وكانت أمه أم ولد للأشعث بن قيس فاعتقها وتزوجها أسيد الحضرمي فولدت له بلالا فبين بلال وأولاد الأشعث علاقة بسبب تلك المرأة، ولعل بعضهم كان أخا بلال لامه، فجاء عبد الرحمن فأخبر أباه سرا وهو عند ابن زياد فعرف ابن زياد سراره فبعث سبعين رجلا حتى أتوا الدار التي فيها مسلم فلما سمع مسلم وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال علم أنه قد أتي فخرج إليهم بسيفه واقتحموا عليه الدار فشد عليهم يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من الدار ثم عادوا إليه فشد عليهم كذلك فاخرجهم مرارا وقتل منهم جماعة واختلف هو وبكر بن حمران ضربتين فضرب بكر فم مسلم فقطع شفته العليا وأسرع السيف في السفلى وفصلت له ثنيتاه وضربه في رأسه ضربة منكرة وثناه بأخرى على حبل العاتق كادت تطلع إلى جوفه فأشرفوا عليه من فوق البيوت يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في اطنان القصب ويلقونها عليه فلما رأى ذلك قال أ كل ما أرى من الاجلاب لقتل مسلم بن عقيل يا نفس اخرجي إلى الموت الذي ليس عنه محيص فخرج عليهم مصلتا سيفا في السكة فقاتلهم فناداه ابن الأشعث لك الأمان وهو يقاتلهم ويتمثل:
- أقسمت لا اقتل إلا حرا * وان رأيت الموت شيئا نكرا - - أخاف أن أكذب أو أغرا * أو أخلط البارد سخن مرا - - رد شعاع الشمس فاستقرا * كل امرئ يوما ملاق شرا - - أضربكم ولا أخاف ضرا - فقال له ابن الأشعث: انك لا تكذب ولا تغر وكان قد أثخن بالحجارة وعجز عن القتال فأسند ظهره إلى جنب تلك الدار وأعاد عليه ابن الأشعث لك الأمان وقيل أنهم تكاثروا عليه بعد أن أثخن بالجراح فطعنه رجل من خلفه فخر إلى الأرض فاخذ أسيرا وحمل على بغلة وانتزع ابن الأشعث سيفه وسلاحه وفي ذلك يقول بعض الشعراء يهجو ابن الأشعث:
- وتركت عمك ان تقاتل دونه * فشلا ولولا أنت كان منيعا - - وقتلت وافد آل بيت محمد * وسلبت أسيافا له ودروعا - فبئس عند ذلك من نفسه ودمعت عيناه وبكى، فقيل له: إن الذي يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثلما نزل بك لم يبك، فقال: والله ما لنفسي بكيت ولا لها من القتل ارثي وإن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفا، ولكني أبكي لأهل المقبلين إلي، أبكي لحسين وآل حسين، ثم قال لابن الأشعث هل عندك خير؟ تستطيع أن تبعث من عندك رجلا على لساني يبلغ حسينا فاني لا أراه الا وقد خرج اليوم أو هو خارج غدا وأهل بيته، ويقول له ان ابن عقيل بعثني إليك وهو أسير في أيدي القوم لا يرى أنه يمسي حتى يقتل وهو يقول لك ارجع فداك أبي وأمي باهل بيتك ولا يغررك أهل الكوفة فإنهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل، قال ابن الأشعث والله لأفعلن وكذب وجئ به إلى باب القصر وقد اشتد به العطش وعلى الباب قلة فيها ماء بارد فقال أسقوني من هذا الماء فقال له مسلم بن عمرو الباهلي والد قتيبة أمير خرسان أ تراها ما أبردها لا والله لا تذوق منها قطرة حتى تذوق الحميم ومنعهم أن يسقوه فقال له ابن عقيل لامك الثكل ما أجفاك وأفظك وأقسى قلبك أنت يا ابن باهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم مني وأرسل عمرو بن حريث غلاما له فاتاه بقلة عليها منديل وقدح فصب فيه ماء وقال له اشرب فاخذ كلما شرب امتلأ القدح دما من فمه فلا يقدر أن يشرب فعل ذلك مرة أو مرتين فلما ذهب في الثالثة ليشرب سقطت ثناياه في القدح فقال الحمد لله لو كان لي من الرزق المقسوم لشربته ثم أدخل على ابن زياد فلم يسلم عليه بالامرة فقال له الحرسي سلم على الأمير فقال اسكت ويحك والله ما هو لي بأمير فقال ابن زياد: لا عليك سلمت أم لم تسلم فإنك مقتول قال إن قتلتني فلقد قتل من هو شر منك من هو خير مني، قال قتلني الله إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد في الاسلام، فقال إما أنك أحق من أحدث في الاسلام ما لم يكن، وإنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السريرة ولؤم الغلبة لاحد أولى بها منك. فقال يا عاق يا شاق شققت عصا المسلمين وألقحت الفتنة، قال كذبت إنما شق عصا المسلمين معاوية وابنه يزيد واما الفتنة فإنما ألفحتها أنت وأبوك زياد بن عبيد عبد بني علاج من ثقيف، قال ايه ابن عقيل أتيت الناس وهم جميع وأمرهم ملتئم فشتت أمرهم وفرقت كلمتهم، قال كلا لست لذلك أتيت ولكنكم أظهرتم المنكر ودفنتم المعروف وتامرتم على الناس بغير رضا منهم وعملتم فيهم باعمال كسرى وقيصر فاتيناهم لنامر فيهم بالمعروف وننهى عن المنكر وندعهم إلى حكم الكتاب والسنة وكنا أهل ذلك. فاقبل ابن زياد يشتمه ويشتم عليا والحسن والحسين وعقيلا، فقال له مسلم: أنت وأبوك أحق بالشتيمة فاقض ما أنت قاض يا عدو الله، فقال ابن زياد: اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه ثم اتبعوه جسده، فصعد به وهو يكبر ويستغفر الله ويسبحه ويصلي على رسوله ص فضرب عنقه

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 587
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست