responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 492

إذا رأيتني قد صرعت فخذها ثم قال لأصحابه شدوا شسوع نعالكم وشدوا ازركم فإذا رأيتموني قد هززت الراية ثلاثا فاعلموا ان أحدا منكم لا يسبقني إليها ثم نظر هاشم إلى عسكر معاوية فرأى جمعا عظيما فقال من أولئك قالوا جند أهل المدينة وقريش قال قومي لا حاجة لي في قتالهم قال من عند هذه القبة البيضاء قيل معاوية وجنده قال فاني أرى دونهم اسودة [1] قالوا ذاك عمرو بن العاص وابناه واخذ الراية فهزها فقال له رجل من أصحابه امكث قليلا ولا تعجل فقال هاشم:
قد اكثرا لومي وما اقلا * اني شريت النفس لن اعتلا - - أعور يبغي أهله محلا * لا بد ان يغل أو يغلا - - قد عالج الحياة حتى ملا * أشلهم بذي الكعوب شلا - وفي رواية أنه قال:
- أشلهم بذي الكعوب شلا * مع ابن عم احمد المعلى - - فيه الرسول بالهدى استهلا * أول من صدقه وصلى - - فجاهد الكفار حتى أبلى - وجعل عمار بن ياسر يتناوله بالرمح ويقول أقدم يا أعور: لا خير في أعور لا يأتي الفزع وكان هاشم عالما بالحرب فيتقدم فيركز الراية فجعل عمرو بن العاص يقول اني لارى لصاحب الراية السوداء عملا لئن دام على هذا ليفنين العرب اليوم فاقتتلوا قتالا شديدا وجعل عمار يقول صبرا عباد الله الجنة تحت ظلال البيض وكان لواء أهل الشام مع أبي الأعور السلمي ولم يزل عمار ينخسه حتى شب القتال وزحف هاشم بالراية يرقل بها ارقالا وكان يسمى المرقال وزحف الناس بعضهم إلى بعض والتقى الزحفان فاقتتل الناس قتالا شديدا لم يسمع الناس بمثله وكثرت القتلى في الفريقين كليهما قال بعض الرواة لما التقينا باهل الشام في ذلك اليوم وجدناهم خمسة صفوف قد قيدوا أنفسهم بالعمائم فقتلنا صفا صفا حتى قتلنا ثلاثة صفوف وخلصنا إلى الصف الرابع ما على الأرض شامي ولا عراقي يولي دبره. ثم إن الأزد وبجيلة كشفوا همدان غلوة حتى الجأوهم إلى التل فصعدوا عليه فشدت عليهم الأزد وبجيلة حتى أجدروهم منه ثم عطفت عليهم همدان حتى الجأوهم إلى أن تركوا مصافهم وقتل من الأزد وبجيلة يومئذ ثلاثة آلاف واقتتل الناس قتالا شديدا لم يسمع بمثله وكثرت القتلى حتى إن كان الرجل لينشد طنب فسطاطه بيد الرجل أو برجله قال الأشعث لقد رأيت أخبية أهل صفين وأروقتهم وما منها خباء ولا رواق ولا فسطاط الا مربوطا بيد رجل أو رجله. قال الأحنف بن قيس اني لواقف إلى جانب عمار بن ياسر فتقدمنا حتى إذا دنونا من هاشم بن عتبة قال له عمار احمل فداك أبي وأمي ونظر عمار إلى رقة في الميمنة فقال له هاشم رحمك الله يا عمار انك رجل تأخذك خفة في الحرب و اني انما ازحف باللواء زحفا وارجو ان أنال بذلك حاجتي واني ان خففت لم آمن الهلكة وقال معاوية لعمرو بن العاص ويحك ان اللواء اليوم مع هاشم بن عتبة وكان من قبل يرقل به ارقالا وان زحف به اليوم انه لليوم الأطول لأهل الشام وان زحف في عنق من أصحابه اني لاطمع ان يقتطع فلم يزل به عمار حتى حمل فبصر به معاوية فوجه إليه حماة أصحابه وكان في ذلك الجمع عبد الله بن عمرو بن العاص ومعه سيفان قد تقلد واحدا وهو يضرب بالآخر وأطافت به خيل علي فقال عمرو يا الله يا رحمن ابني ابني قال معاوية اصبر اصبر فإنه لا باس عليه فقال عمرو ولو كان يزيد إذا لصبرت ولم يزل حماة أهل الشام يذبون عنه حتى نجا هاربا على فرسه ومن معه. ودعا هاشم بن عتبة في الناس عند المساء الا من كان يريد الله والدار الآخرة فليقبل فشد في عصابة من أصحابه على أهل الشام مرارا فليس من وجه يحمل عليهم الا صبروا له فقال لأصحابه لا يهولنكم ما ترون من صبرهم فما ترون منهم الا حمية العرب وانهم لعلى الضلال وانكم لعلى الحق يا قوم اصبروا وصابروا ثم امشوا بنا إلى عدونا على تؤدة رويدا واذكروا الله ولا يسلم رجل أخاه ولا تكثروا الالتفات وجالدوهم محتسبين حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين فمضى في عصابة من القراء فقاتل قتالا شديدا وهو وأصحابه حتى رأوا بعض ما يسرون به إذ خرج عليهم شاب وهو يقول:
- انا ابن أرباب الملوك غسان * والدائن اليوم بدين عثمان - - أنبأنا اقوامنا بما كان * ان عليا قتل ابن عفان - ثم شد فلا ينثني بضرب سيفه ثم يلعن ويشتم ويكثر الكلام فقال له هاشم ان هذا الكلام بعده الخصام وان هذا القتال بعده الحساب فاتق الله فإنك راجع إلى ربك فسائلك عن هذا الموقف قال فاني أقاتلكم لان صاحبكم لا يصلي كما ذكروا وانكم لا تصلون وأقاتلكم ان صاحبكم قتل خليفتنا وأنتم وازرتموه على قتله فقال له هاشم ما أنت وذاك انما قتله أصحاب محمد وهم أصحاب الدين وأولي بالنظر في أمور المسلمين وما أظن أن أمر هذه الأمة وامر هذا الدين عناك طرفة عين قط قال الفتى أجل والله لا اكذب فان الكذب يضر ولا ينفع ويشين ولا يزين فقال له هاشم ان هذا الامر لا علم لك به فخله وأهل العلم به قال أظنك والله نصحتني وقال له هاشم واما قولك ان صاحبنا لا يصلي فهو أول من صلى لله مع رسول الله ص وأفقهه في دين الله وأولاه برسول الله واما من ترى معه فكلهم قارئ الكتاب لا ينامون الليل تهجدا فلا يغررك عن دينك الأشقياء قال الفتى يا عبد الله اني لأظنك امرأ صالحا فهل تجد لي من توبة قال نعم تب إلى الله يتب عليك فإنه يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات فذهب الفتى بين الناس راجعا فقال له رجل من أهل الشام خدعك العراقي قال لا ولكن نصحني وقاتل هاشم قتالا شديدا حتى أتت كتيبة لتنوخ فشدوا على الناس فقاتلهم حتى قتل تسعة نفر أو عشرة وحمل عليه الحارث بن المنذر التنوخي فطعنه فسقط وبعث إليه علي ع ان قدم لواءك فقال للرسول انظر إلى بطني فإذا هو قد انشق فمر به رجل وهو صريع بين القتلى فقال له اقرأ أمير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته وقل له أنشدك بالله الا أصبحت وقد ربطت مقاود خيلك بأرجل القتلى فان الدبرة تصبح غدا لمن غلب على القتلى فأخبر الرجل عليا بذلك فسار في بعض الليل حتى جعل القتلى خلف ظهره وكانت الدبرة له عليهم فاخذ الراية رجل من بكر بن وائل ورفع هاشم رأسه فإذا عبيد الله بن عمر قتيلا إلى جانبه فحبا حتى دنا منه فعض على ثديه حتى بينت فيه أنيابه ثم مات هاشم وهو على صدر عبيد الله بن عمر وضرب البكري الذي معه الراية فسقط فرفع رأسه فابصر عبيد الله بن عمر قريبا منه فحبا إليه حتى عض على ثديه الآخر فتبينت أنيابه فيه ومات أيضا فوجدا جميعا على صدر عبيد الله بن عمر هاشم والبكري وفرح أهل الشام بمقتل هاشم فاخذ الراية عبد الله بن هاشم وخطب فقال: يا أيها الناس ان هاشما كان عبدا من عباد الله الذين قدر أرزاقهم وكتب آثارهم واحصى أعمالهم وقضى آجالهم فدعاه الله ربه الذي لا يعصى فاجابه


[1] جمع سواد وهو الشخص.

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 492
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست