responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 418

أيام كما رواه ابن سعد في الطبقات وغير ذلك من التصريح والتلويح بأنه عالم بدنو اجله ومع عروض المرض له واشتداده عليه وهو مع ذلك كله يجتهد في تجهيز جيش أسامة ويحث عليه ويكرر الحث مرارا أنفذوا بعث أسامة ويخرج مرة بعد مرة وهو مريض عاصب رأسه ويخطبهم ويقول أنفذوا بعث أسامة يكررها كل مرة ثلاث مرات وقد عقد لأسامة لواءه بعد عروض المرض له فقد عرفت عن ابن سعد انه بدئ المرض يوم الأربعاء وعقد لأسامة يوم الخميس ولا يبقى أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا وينتدب للخروج تحت امرة أسامة وهو غلام لا يشغله ما هو فيه من شدة المرض وتحقق دنو الاجل عن الاشتداد في تجهيز جيش أسامة وقد كان مقتضى ظاهر الحال وسداد الرأي ان لا يبعث جيشا فيه أكابر الصحابة وجمهور المسلمين في مثل تلك الحال التي يتخوف على نفسه فيها الموت لأن تدارك ما يخاف وقوعه عند وفاته واحكام أمر الخلافة في حياته أهم من تسيير جيش لغزو الروم بل لا يجوز في مثل تلك الحال ارسال الجيوش من المدينة ويلزم تعزيز القوة فيها استعدادا لما يخاف طروؤه من الفتن بوفاته التي أشار إليها بقوله أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، لا سيما انه قد بلغه ارتداد جماعة من العرب في عدة أماكن وادعاء بعضهم النبوة لما بلغهم مرضه كما نص عليه الطبري في تاريخه مع تأييده بالوحي وامتيازه عن سائر الخلق بجودة الرأي.
وعدم تمام ما حث عليه من تجهيز جيش أسامة وبقاء أسامة معسكرا بالجرف إلى ما بعد وفاته كل ذلك يدلنا على أن تجهيز هذا الجيش لم يكن من الأمور العادية يقصد به الغزو والفتح بل قصد به ما أشار إليه المفيد في كلامه السابق وانه كان لأمر أهم مما يتراءى خوف وقوعه بل لو قطعنا النظر عن ذلك كله لوجدنا ان ظاهر الامر يقتضي ان يشتغل في مثل تلك الحال بنفسه وبما عراه من المرض الشديد لا بتسيير الجيوش لغزو ليس فيه ما يقتضي الفور والعجلة مثل مهاجمة عدو أو طرو حادث لا يحسن التأخر عنه.
ويدلنا على ذلك أيضا اخباره عن فتن تقع بعده وتهويله في ذلك، روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن أبي مويهبة مولى رسول الله ان رسول الله ص قال من جوف الليل اني قد امرت ان استغفر لأهل البقيع فانطلق معي فخرجت معه حتى جاء البقيع فاستغفر لأهله طويلا ثم قال ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع بعضها بعضا يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى. وروى الطبري في تاريخه بسنده عن أبي مويهبة مولى رسول الله ص قال بعثني رسول الله ص من جوف الليل فقال لي يا أبا مويهبة اني قد امرت ان استغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال السلام عليكم أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى الحديث فما هي هذه الفتن يا ترى التي هول بها وعظم امرها ووصفها بأنها كقطع الليل المظلم وانها متتابعة بلا انقطاع لا تنتقل إلى خير بل إلى ما هو شر من الأول وكيف تجتمع هذه الرواية مع ما يروونه عنه: خير القرون قرني ثم الذي يليه.
وقال المفيد: لما أحس بالمرض اخذ بيد علي واتبعه جماعة وتوجه إلى البقيع فقال اني قد امرت بالاستغفار لأهل البقيع فانطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم وقال السلام عليكم أهل القبور ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها ثم استغفر لأهل البقيع طويلا واقبل على علي فقال له ان جبرئيل كان يعرض علي القرآن في كل سنة مرة وقد عرضه علي العام مرتين ولا أراه إلا لحضور أجلي، ثم عاد إلى منزله فمكث ثلاثة أيام موعوكا ثم خرج إلى المسجد معصوب الرأس معتمدا على أمير المؤمنين بيده اليمنى وعلى الفضل بن العباس باليد الأخرى حتى صعد المنبر فخطب ثم نزل فصلى بالناس صلاة خفيفة ثم دخل بيته وكان إذ ذاك بيت أم سلمة اه وفي رواية الحاكم والطبري انه كان بيت ميمونة.
طلب عائشة نقله إلى بيتها والسر فيه قال المفيد: فجاءت عائشة إلى أم سلمة تسألها ان تنقله إلى بيتها لتتولى تعليله وسالت أزواجه في ذلك فاذن لها فانتقل إلى البيت الذي اسكنه عائشة اه.
ولا يمكننا ان نعتقد ان ذلك كان أمرا عاديا يقصد منه ان تتولى تعليله بل يمكن لذي التأمل الصادق الاعتقاد بأنه كان شيئا وراء ذلك هو إلى السياسة وتنفيذ خطط مرسومة ابتدأت من يوم بعث جيش أسامة واستغلال الموقف أقرب منه إلى مجرد تولي تعليله وهل كانت أم سلمة أو ميمونة تقصر في تولي تعليله وما ذا يحتاج تعليله وهو ليس في مرض يفتقر إلى كثير مزاولة كالفالج وشبهه انما هو حمى وصداع وشبه ذلك ولو كان الداعي إلى ذلك الشفقة لأمكن الحضور إلى بيت أم سلمة وهو لا يبعد عن بيتها إلا خطوات وكان له يومئذ تسع نساء وبيوتهن متقاربة كأنهن في دار واحدة فيمكنهن التناوب في تعليله في بيت أي كان وبيت فاطمة مجاور لبيوتهن وكيف يمكن ان تتركه فاطمة في ليل أو نهار، وتدل الأخبار الكثيرة على أن عليا والفضل بن العباس كانا دائما عنده إلا لضرورة فالتأمل في ذلك وفي مجرى الحوادث يرشدنا إلى أن الأمر لم يكن أمرا عاديا صرفا ولولا نقله إلى بيتها لما دفن فيه ولما دفن الشيخان إلى جانبه ولما منع ابنه الحسن من الدفن عنده.
خروجه للصلاة بالناس وهو في أشد المرض قال المفيد: وثقل فجاء بلال عند صلاة الصبح فنادى الصلاة فأوذن رسول الله ص لندائه فقال يصلي بالناس بعضهم فاني مشغول بنفسي، فقالت عائشة مروا أبا بكر، وقالت حفصة مروا عمر، فقال رسول الله ص حين سمع كلامهما ورأى حرص كل واحدة منها على التنويه بابيها وافتتانهما بذلك ورسول الله حي: أكففن فإنكن صويحبات يوسف ثم قام مبادرا لإزالة الشبهة وإنه لا يستقل على الأرض من الضعف فاخذ بيد علي بن أبي طالب والفضل بن العباس فاعتمد عليهما ورجلاه تخطان الأرض من الضعف فوجد أبا بكر قد سبق إلى المحارب فاوما إليه بيده ان تأخر عنه فتأخر وقام ص مقامه فكبر وابتدأ الصلاة التي كان قد ابتدأ بها أبو بكر ولم يبن على ما مضى من فعاله اه وروى ابن هشام في سيرته انه حين دعاه بلال إلى الصلاة قال مروا من يصلي بالناس فقال عبد الله بن زمعة لعمر صل بالناس وكان أبو بكر غائبا فلما كبر عمر سمع رسول الله ص صوته فأرسل إلى أبي بكر فجاء بعد ان أتم عمر الصلاة فصلى بالناس.
وروى الطبري ونحوه ابن سعد عن عائشة إنه قال مروا أبا بكر ان يصلي بالناس فقالت عائشة انه رجل رقيق فأعاد فأعادت فغضب وقال إنكن صواحب يوسف فخرج يهادي بين رجلين وقدماه تخطان في الأرض فلما دنا من أبي بكر تأخر فأشار إليه ان قم في مقامك فقعد إلى جنب أبي بكر قالت

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست