نام کتاب : ثورة الحسين ظروفها الإجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة نویسنده : شمس الدين، الشيخ محمد مهدي جلد : 1 صفحه : 18
والقيم التي هجرها
المجتمع ، أو حرّفها إذا كان للمجتمع مثل هذا التراث ، كما هو الحال في المجتمع
الإسلامي الذي كانت سياسة الاُمويِّين المجافية للإسلام تحمله على هجر القيم
الإسلاميّة ، واستلهام الأخلاق الجاهليّة في الحياة ، وتوفّر هذا الهدف في الثورة
الصحيحة من جملة مقوّمات وجودها ؛ لأنّ العلاقات الإنسانيّة في الواقع علاقات
منحطّة وفاسدة ، وموقف الإنسان من الحياة موقف متخاذل ، أو موسوم بالانحطاط
والانهيار ، ولذلك انتهى الواقع إلى حدّ من السوء بحيث غدت الثورة علاجه الوحيد. وإذاً
فالدعوة إلى نموذج من الأخلاق أسمى ممّا يمارسه المجتمع ضرورة لازمة ؛ لأنّه لا
بدّ أن تتغيّر نظرة الإنسان إلى نفسه ، وإلى الآخرين وإلى الحياة ؛ ليمكن إصلاح
المجتمع.
ولقد قدّم الحسين عليهالسلام وأصحابه الأخلاق
الإسلاميّة العالية بكامل صفاتها ونقائها ، ولم يُقدّموا إلى المجتمع الإسلامي هذا
اللون من الأخلاق بألسنتهم ، وإنّما كتبوه بدمائهم ، بحيواتهم ...
* * *
لقد اعتاد الرجل العادي إذ ذاك أن يرى
الزعيم القبلي ، أو الزعيم الديني يبيع ضميره بالمال ، وبعرض الحياة الدنيا. لقد
اعتاد أن يرى الجباه تعنو خضوعاً وخشوعاً لطاغية حقير ؛ لمجرّد أنّه يملك أن يحرم
من العطاء. لقد خضع الزعماء الدينيون والسياسيون ليزيد على علمهم بحقارته وانحطاطه
، وخضعوا لعبيد الله بن زياد على علمهم بأصله الحقير ، ومنبته الوضيع ، وخضعوا
لغير هذا وذلك من الطغاة ؛ لأنّ هؤلاء الطغاة يملكون الجاه ، والمال ، والنفوذ ، ولأنّ
التقرّب منهم ، والتودّد إليهم كفيل بأن يجعلهم ذوي نفوذ في المجتمع ، وأن يسبغ
عليهم النعمة والرفاه وهناءة العيش. وكان هؤلاء الزعماء يرتكبون كلّ شيء في سبيل
نيل هذه الحظوة ، كانوا يخونون مجتمعهم ، فيتمالؤون مع هؤلاء الطغاة على إذلال هذا
المجتمع وسحقه ،
نام کتاب : ثورة الحسين ظروفها الإجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة نویسنده : شمس الدين، الشيخ محمد مهدي جلد : 1 صفحه : 18