له جعفر عليهالسلام : لا تعجل في
يمينك ، فإنني أستحلفك ، قال المنصور : ما أنكرت من هذه اليمين؟ قال : إن الله
تعالى حيّ كريم يستحي من عبده إذا أثنى عليه أن يعاجله بالعقوبة لمدحه له ، ولكن
قل أيها الرجل : أبرأ إلى الله من حوله وقوّته وألجأ إلى حولي وقوّتي إني لصادق
برّ فيما أقول ، فقال المنصور للقرشي : احلف بما استحلفك به أبو عبد الله فحلف
الرجل بهذه اليمين فلم يستتمّ الكلام حتّى أجذم وخرّ ميّتا ، فراع أبا جعفر ذلك
وارتعدت فرائصه ، فقال : يا أبا عبد الله : سر من غد إلى حرم جدّك إن اخترت ذلك ،
وإن اخترت المقام عندنا لم نأل في إكرامك وبرّك ، فو الله لا قبلت قول أحد بعدها
أبدا » [١].
السابعة
: ذكر الشريف أبو القاسم في المرّة السابعة رواية عن محمّد بن
عبد الله الاسكندري [٢] وأنه كان من ندماء المنصور وخواصّه ، يقول محمّد ، دخلت
عليه يوما فرأيته مغتمّا وهو يتنفّس نفسا باردا ، فقلت : ما هذه الفكرة يا أمير
المؤمنين ، فقال لي : يا محمّد لقد هلك من أولاد فاطمة مقدار مائة أو يزيدون [٣] وقد بقي سيّدهم
وإمامهم ، فقلت له : من ذلك؟ قال : جعفر بن محمّد الصادق ، فقلت : يا أمير
المؤمنين إنه رجل أنحلته العبادة واشتغل بالله عن طلب الملك والخلافة ، فقال : يا
محمّد لقد علمت أنك تقول به وبإمامته ولكن الملك
[١] وذكر هذه
الكرامة لأبي عبد الله عليهالسلام
جملة من علماء أهل السنّة عند استطرادهم لحياة الصادق ، منهم الشبلنجي في نور
الأبصار ، والسبط في التذكرة ، وابن طلحة في مطالب السؤل ، وابن الصبّاغ في الفصول
، وابن حجر في الصواعق وغيرهم ..
[٢] ليس له ذكر في
كتب رجالنا ، ولم نعرف عنه رواية غير هذه ، وبها ذكره المتأخّرون ، والرواية صريحة
في تشيّعه ..
[٣] أحسب أن هذه
القصّة كانت بعد مقتل محمّد وإبراهيم لأن الحرب بالمدينة وبباخمرى والسجون في
الهاشميّة أهلكت العدد الكثير من العلويّين هذا سوى من قتله صبرا ، ولعلّ إرساله
عليه كان إلى بغداد أيضا ..