قال صفوان : فلمّا
أصبح أبو عبد الله عليهالسلام رحلت له الناقة وسار متوجّها إلى العراق حتّى قدم مدينة
أبي جعفر [١] وأقبل حتّى استأذن فأذن له ، قال صفوان : فأخبرني بعض من
شهده عند أبي جعفر ، قال : فلما رآه قرّبه وأدناه ، ثمّ استدعى قصّة الرافع على
أبي عبد الله عليهالسلام ، يقول في قصّته : إن المعلّى بن خنيس مولى جعفر بن محمّد
يجبي له الأموال من جميع الآفاق ، وإنه مدّ بها محمّد بن عبد الله ، فدفع إليه
القصّة فقرأها أبو عبد الله فأقبل عليه المنصور فقال : يا جعفر بن محمّد ما هذه
الأموال التي يجبيها لك المعلّى بن خنيس؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : معاذ الله من
ذلك يا أمير المؤمنين ، قال له : ألا تحلف على براءتك من ذلك بالطلاق والعتاق ،
قال : نعم أحلف بالله إنه ما كان من ذلك شيء ، قال أبو جعفر : لا بل تحلف بالطلاق
والعتاق فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أما ترضى بيميني بالله الذي لا إله إلاّ هو ، قال له أبو
جعفر : لا تتفقّه عليّ ، فقال أبو عبد الله : وأين يذهب بالفقه مني يا أمير
المؤمنين [٢] قال له : دع عنك هذا فإنني أجمع الساعة بينك وبين الرجل
الذي رفع عليك حتّى يواجهك ، فأتوا بالرجل وسألوه بحضرة جعفر عليهالسلام فقال : نعم هذا
صحيح ، وهذا جعفر بن محمّد ، والذي قلت فيه كما قلت ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : تحلف أيها
الرجل إن هذا الذي رفعته صحيح ، قال : نعم ، ثمّ ابتدأ الرجل باليمين فقال : والله
الذي لا إله إلاّ هو الطالب الغالب الحيّ القيوم ، فقال
[١] وهي بغداد ،
وكانت تسمّى مدينة أبي جعفر لأنه هو الذي بناها وكان انتقاله إليها عام ١٤٦ ،
ولعلّه في هذه السنة دعا الصادق إليها ..
[٢] ما كان ليخفى
على المنصور ما عليه أهل البيت في اليمين بالطلاق والعتاق وأنه لا يحنث الحالف
كاذبا ، أي لا تطلق نساؤه ، ولا تعتق مماليكه ، ولكنه حاول أن يحطّ من كرامة
الصادق وألاّ يثبت له فقه خاص ..