ولقد أحدثت هذه الخطبة هزّة في مجلس
يزيد ، وراح الرجل يحدّث جليسه بالضلال الذي غمرهم وإنّهم في أي وادٍ يعمهون ، فلم
يرَ يزيد مناصاً إلاّ أن يُخرج الحرم من المجلس إلى خربة لا تكنّهم من حرٍّ ولا
برد ، فأقاموا فيها ينوحون على الحسين (عليه السّلام) [٤]
ثلاثة أيّام [٥].
وفي بعض الأيّام خرج الإمام السّجاد (ع)
منها يتروّح ، فلقيه المنهال بن عمر وقال له : كيف أمسيت يابن رسول الله؟ قال (ع)
: «أمسينا كمثل بني إسرائيل في آل فرعون ، يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، أمست
العرب تفتخر على العجم بأنّ محمّداً منها ، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأنّ
محمّداً منها ، وأمسينا معشر أهل بيته مقتولين مشرّدين ، فإنّا لله وإنّا اليه
راجعون» [٦].
قال المنهال : وبينا يكلّمني إذ امرأة
خرجت خلفه تقول له : إلى أين يا نِعم الخلَف؟ فتركني وأسرع إليها ، فسألتُ عنها
قيل : هذه عمّته زينب [٧].
إلى المدينة
لقد سرَّ يزيدَ قتلُ الحسين (ع) ومَن
معه وسَبي حريم رسول الله (صلّى الله عليه
[١] تاريخ الطبري ٦ ص
٢٦٦ ، والبداية لابن كثير ٨ ص ١٩٥.
[٢] اللهوف ص ٢٠٧ ، وأمالي
الصدوق ص ١٠١ المجلس الواحد والثلاثون.
[٣] مقتل الخوارزمي ٢
ص ٣٤. وهذه الخربة ـ أو فقل المحبس ـ كما جاء في ذيل مرآة الزمان لليونيني ٤ ص ١٤٦
، حوادث (سنة ٦٨١ ـ) قال : في ليلة الأحد ، عاشر شهر رمضان ، احترقت سوق
اللبادين بدمشق بكمالها وجسر الكتبيين ، والفوارة وسوق القماش المعروف بسوق عسا
الله وسقاية جيرون ، ووصلت النّار إلى درب العجم وسط جيرون وجدار المسجد العمري
الذي على درج بدرب الجامع الملاصق لسجن زين العابدين ....