يعني : أنه قتل بمن قتله رسول الله (ص) يوم
بدر ؛ كجده عتبة وخاله ولد عتبة وغيرهما ، وهذا كفر صريح ، فاذا صح عنه ، فقد كفر
به. ومثله تمثله بقول عبد الله بن الزبعرى قبل إسلامه بـ (ليت أشياخي ببدر ...) الأبيات
[١] ، إلى كثير من
موبقاته وإلحاده ، فاستحق بذلك اللعن من الله وملائكته وأنبيائه ، ومَن دان بهم من
المؤمنين إلى يوم الدين. ولم يتوقف في ذلك إلا من حُرم ريح الإيمان ، وأعمته
العصبية عن السلوك في جادّة الحقِّ ؛ فأخذ يتردد في سيره ، حيران لا يهتدي إلى
طريق ، ولا يخرج من مضيق.
ولم يتوقف المحققون من العلماء في كفره
وزندقته ، فيقول ابن خلدون : غلط القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي ، إذ قال في
كتابه (العواصم والقواصم) : إن الحسين قُتل بسيفِ شرعه ، غفلة عن اشتراط الإمام
العادل في الخلافة الإسلامية! ومَن أعدل من الحسين في زمانه وإمامته وعدالته في
قتال أهل الآراء!؟. وفي الصفحة نفسها ذكر الاجماع على فسق يزيد ، ومعه لا يكون
صالحاً للإمامة ، ومن أجله كان الحسين (ع) يرى من المتعين الخروج عليه ، وقعود
الصحابة والتابعين عن نصرة الحسين لا لعدم تصويب فعله ، بل لأنهم يرون عدم جواز
اراقة الدماء ، فلا يجوز نصرة يزيد بقتال الحسين ، بل قتله من فعلات يزيد المؤكدة
لفسقه والحسين فيها شهيد [٢].
ويقول ابن مفلح الحنبلي : جوّز ابن عقيل
وابن الجوزي الخروج على الإمام غير العادل ، بدليل خروج الحسين على يزيد ؛ لاقامة
الحق. وذكره ابن الجوزي في كتابه (السر المصون) من الاعتقادات العامية التي غلبت
على جماعة من المنتسبين إلى السنة ، إنهم قالوا : كان يزيد على الصواب ، والحسين
مخطئ في الخروج عليه. ولو نظروا في السِّير لعلموا كيف عُقدت البيعة له والزم
الناس بها ، ولقد فعل مع الناس في ذلك كلَّ قبيح ، ثم لو قدرنا صحة خلافته ، فقد
بدرت منه بوادر وظهرت منه أمور ، كلٌّ منها يوجب فسخ ذلك العقد ؛ من نهب المدينة ،
ورمي الكعبة بالمنجنيق ، وقتل الحسين وأهل بيته (عليهم السّلام) وضربه على ثناياه
بالقضيب ، وحمل
[١] تفسير روح
المعاني ٢٦ ص ٧٣ ، آية : (فهل عسيتم أن توليتم).
[٢] مقدمة ابن خلدون ص
٢٥٤ ـ ٢٥٥ عند ذكر ولاية العهد.