وأمّا علي بن الحسين (ع) فإنّه لمّا نظر
إلى أهله مجزّرين ، وبينهم مهجة الزهراء (عليها السّلام) بحالة تنفطر لها
السّماوات وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّا ، عظم ذلك عليه واشتدّ قلقه فلمّا
تبيّنت ذلك منه زينب الكبرى بن علي (ع) [٤]
أهمّها أمر الإمام فأخذت تسلّيه وتصبّره وهو الذي لا توازن الجبال بصبره ، وفيما
قالت له :
ما لي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي
وأبي وإخوتي ، فوالله إنّ هذا لعهد من الله إلى جدّك وأبيك ، ولقد أخذ الله ميثاق
اُناس لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض ، وهم معروفون في أهل السّماوات ، إنّهم يجمعون
هذه الأعضاء المقطّعة والجسوم المضرّجة ، فيوارونها وينصبون بهذا الطفّ علماً لقبر
أبيك سيّد الشهداء لا يُدرس أثره ولا يُمحى رسمه على كرور الليالي والأيّام ، وليجتهدنّ
أئمّة الكفر وأشياع الضلال في محوه وتطميسه ، فلا يزداد أثره إلاّ علوّاً [٥].
[٤] زينب الملقبة
الكبرى ، هي ابنة فاطمة الزهراء (ع) ، وقد وصفها بذلك الطبري في تاريخه ٦ ص ٨٩ ، وابن
الأثير في الكامل ٣ ص ١٥٨. وفي المعارف لابن قتيبة : فأمّا زينب الكبرى بنت فاطمة
كانت عند عبد الله بن جعفر ، فولدت له أولاد.
[٥] كامل الزيارات ص ٢٦١
الباب الثامن والثمانون ، فضل كربلاء وزيارة الحسين (ع).