مقطّعي الأوصال ، قد
طعمتهم سمر الرماح ، ونهلت من دمائهم بيض الصفاح ، وطحنتهم الخيل بسنابكها ، صِحن
ولطمن الوجوه [١]
وصاحت زينب : يا محمّداه! هذا حسين بالعراء ، مرمّل بالدماء ، مقطّع الأعضاء ، وبناتك
سبايا ، وذريّتك مقتّلة. فأبكت كلّ عدو وصديق [٢]
حتّى جرت دموع الخيل على حوافرها [٣].
ثمّ بسطت يدَيها تحت بدنه المقدّس
ورفعته نحو السّماء ، وقالت : إلهي تقبّل منّا هذا القربان [٤].
وهذا الموقف يدلّنا على تبوّئها عرش الجلالة ، وقد اُخذ عليها العهد والميثاق بتلك
النّهضة المقدّسة كأخيها الحسين (ع) وإنْ كان التفاوت بينهما محفوظاً ، فلمّا خرج
الحسين (ع) عن العهدة بإزهاق نفسه القدسيّة ، نهضت العقيلة زينب بما وجب عليها ، ومنه
تقديم الذبيح إلى ساحة الجلال الربوي والتعريف به ، ثمّ طفقت (سلام الله عليها) ببقيّة
الشؤون ، ولا استبعاد في ذلك بعد وحدة النّور وتفرّد العنصر.
[٥] للعلامة ميرز
محمّد علي الاوردبادي (نوّر الله ضريحه).
[٦] في تهذيب الأسماء
للنووي ١ ص ١٦٣ ، والكواكب الدرّية للمناوي ١ ص ٥٨ ، ونور الأبصار للشبلنجي ص ١٦٠
، ووفيات الأعيان لابن خلّكان بترجمتها : توفّيت سكينة بنت الحسين (ع) يوم الخميس
لخمس خلون من ربيع الأول سنة (١١٧ هـ). وفي المجدي لابن الحسن العمري في النّسب ، وإعلام
الورى للطبرسي ص ١٢٧ ، عند ذكر أولاد الحسن (ع) ، والأغاني ١٢ ص ١٦٣ : إنّها
تزوّجت من ابن عمّها عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب قُتل عنها يوم الطف ، ولم
تلد منه. انتهى. وفي إعلام الورى : قُتل عنها قبل البناء بها ، ولها يوم الطفّ
أكثر من عشر سنين ، وولادتها قبل وفاة عمّها الحسن (ع) وعمرها يقارب السّبع سنين ،
وكلمة سيّد الشهداء (ع) في حقّها : «أنّ الغالب على سكينة الاستغراق مع الله». على
ما رواه الصبان في اسعاف الرغبين يفيدنا درساً دقيقاً عن مكانة ابنته من الشريعة
المقدسة ـ لاحظ كتابنا السيدة سكينة ـ الطبعة الثانية.