بلى ، لقد حضر رسول الله (ص) المعركة ،
وشاهد ذلك الجمع المتألّب على استئصال أهله من جديد الأرض ، وبمرأى منه عويل
الأيامى ونشيج الفاقدات وصراخ الصبية من الظمأ. وقد سمع العسكر صوتاً هائلاً : ويلكم
يا أهل الكوفة إنّي أرى رسول الله (ص) ينظر إلى جمعكم مرّة وإلى السّماء اُخرى ، وهو
قابض على لحيته المقدّسة. لكن الهوى والضلال المستحكم في نفوس ذلك الجمع المعمور
بالأطماع أوحى إليهم : إنّه صوت مجنون. فصاح الجمع لا يهولنّكم ذلك. وكان أبو عبد
الله الصادق (ع) يقول : «لا أراه إلاّ جبرئيل» [١].
وصاح بعض الملائكة : ألا أيّتها الاُمّة
المتحيّرة الضالّة بعد نبيّها ، لا وفّقكم الله لأضحى ولا فطر! قال الإمام الصادق
(ع) : «لا جرم والله ، ما وفّقوا ولا يوفّقون حتّى يثور ثائر الحسين (ع)» [٢].