وبينا هو على هذا إذ شدّ عليه عمرو بن
سعد بن نُفيل الأزدي ، فقال له حميد بن مسلم : وما تريد من هذا الغلام؟ يكفيك
هؤلاء الذين تراهم احتوشوه. فقال : والله لأشدنّ عليه. فما ولّى حتّى ضرب رأسه
بالسّيف ، فوقع الغلام لوجهه فقال : يا عمّاه! فأتاه الحسين كالليث الغضبان ، فضرب
عمراً بالسّيف فاتّقاه بالسّاعد فأطنّها [٢]
من المرفق ، فصاح صيحةً عظيمةً سمعها العسكر ، فحملت خيل ابن سعد لتستنقذه ، فاستقبلته
بصدرها ووطأته بحوافرها فمات.
وانجلت الغبرة وإذا الحسين (ع) قائم على
رأس الغلام وهو يفحص برجليه. والحسين (ع) يقول : «بُعداً لقوم قتلوك! خصمهم بوم
القيامة جدّك».
ثمّ قال : «عزّ والله على عمّك أن تدعوه
فلا يجيبك ، أو يجيبك ثمّ لا ينفعك ، صوتٌ والله كثر واتره وقلَّ ناصره». ثمّ
احتمله وكان صدره على صدر الحسين (ع) ورجلاه يخطّان في الأرض ، فألقاه مع علي
الأكبر وقتلى حوله من أهل بيته [٣]
، ورفع طرفه إلى السّماء وقال : «اللهمّ أحصهم عدداً ، ولا تغادر منهم أحداً ، ولا
تغفر لهم أبداً ، صبراً يا بني عمومتي ، صبراً يا أهل بيتي ، لا رأيتم هواناً بعد
هذا اليوم أبداً» [٤].