ثم أقبل (ع) على الوليد وقال : «أيها
الأمير ، إنّا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله
وبنا يختم. ويزيد رجل شارب الخمور ، وقاتل النّفس المحرَّمة ، معلن بالفسق ، ومثلي
لا يبايع مثله ، ولكن نصبح وتصبحون ، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة» [١].
فأغلظ الوليد في كلامه ، وارتفعت
الأصوات ، فهجم تسعة عشر رجلاً قد انتضوا خناجرهم وأخرجوا الحسين إلى منزله قهراً [٢].
فقال مروان للوليد : عصيتني ، فولله لا
يمكّنك على مثلها. قال الوليد : وَبِّخ غيرك يا مروان! اخترت لي ما فيه هلاك ديني
، أقتل حسيناً أنْ قال لا اُبايع! والله لا أظن امرءاً يحاسب بدم الحسين إلا خفيف
الميزان يوم القيامة [٣]،
ولا ينظر الله إليه ، ولا يزكّيه ، وله عذاب أليم [٤].
وعتبت أسماء بنت عبد الرحمن بن الحارث
بن هشام ، امرأة الوليد عليه ؛ لمّا جرى منه مع الحسين ، فاعتذر بأنّه بدأه بالسّب
، قالت : أتسبّه وتسبّ أباه إنْ سبّك! فقال : لا أفعل أبداً [٥].
وفي هذه الليلة زار الحسين قبر جدّه (ص)
، فسطع له نور من القبر [٦]
فقال : «السّلام عليك يا رسول الله ، أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك ، وسبطك
الذي خلّفتني في اُمّتك ، فاشهد عليهم يا نبيّ الله أنّهم خذلوني ولم
اللغة : الدعي في
النسب ، اللصيق به. وورد في حديث النّبي (ص) كما في كنز العمال ١ ص ١٥٦ : «العتل
الزنيم : الفاحش اللئيم». ويروي الآلوسي في روح المعاني ٢٩ ص ٢٨ : إنّ أباه
المغيرة ادّعاه بعد ثمان عشرة سنة من مولده. فإذا كان (ينبوع الأدب والأسرار) يغمز
في حقّ رجل معيّن ويسمّه بالقبيح في كتابه الذي يتلى في المحاريب ليلاً ونهاراً ،
فلا يستغرب من ابن النبوة إذا رمى مروان بالشائنة ، وهو ذلك المتربّص بهم الغوائل.
[٧] تاريخ الطبري ،
وابن الأثير ، والإرشاد ، وإعلام الورى.
[١] مثير الاحزان
لابن نما الحلّي ، من أعلام القرن السادس.