ووضّح لابن الزبير ما عزم عليه الحسين
من ملاقاة الوالي في ذلك الوقت ، فأشار عليه بالترك حذار الغيلة ، فعرّفه الحسين (ع)
القدرة على الامتناع [٢].
وصار إليه الحسين في ثلاثين [٣]
من مواليه وأهل بيته وشيعته ، شاكين بالسّلاح ، ليكونوا على الباب فيمنعونه إذا
علا صوته [٤]
وبيده قضيب رسول الله (ص). ولمّا استقرّ المجلس بأبي عبد الله (ع) ، نعى الوليد
إليه معاوية ، ثم عرض عليه البيعة ليزيد ، فقال (ع) : «مثلي لا يبايع سرّاً ، فإذا
دعوتَ النّاس إلى البيعة دعوتنا معهم ، فكان أمراً واحداً» [٥].
فاقتنع الوليد منه ، لكن مروان ابتدر
قائلاً : إن فارقك السّاعة ولم يبايع ، لم تقدر منه على مثلها حتّى تكثر القتلى
بينكم ، ولكن احبس الرجل حتّى يبايع أو تضرب عنقه.
فقال الحسين : «يابن الزرقاء [٦]
أنت تقتلني أم هو؟! كذبت وأثمت» [٧].
[١] من قصيدة للعلامة
الشيخ محمّد تقي آل صاحب الجواهر.
[٦] في تذكرة الخواص
لسبط ابن الجوزي ص ٢٢٩ ، طبع ايران ، والاداب السلطانية للفخري ص ٨٨ ، كانت جدّة
مروان من البغايا. وفي كامل ابن الأثير ٤ ص ٧٥ ، كان الناس يعيّرون ولد عبد الله
بن مروان بالزرقاء بنت موهب ؛ لانّها من المومسات ومن ذوات الرايات. وفي تاريخ ابن
عساكر ٧ ص ٤٠٧ ، جرى كلام بين مروان وعبد الله بن الزبير فقال له عبد الله : وإنك
لههنا يابن الزرقاء. وفي أنساب الاشراف للبلاذري ٥ ص ١٢٩ ، قال عمرو بن العاص
لمروان ـ في كلام جرى بينهما ـ : يابن الزرقاء ، فقال مروان : إن كانت زرقاء ، فقد
أنجبت وأدت الشبه إذا لم تؤده غيرها.
وفي تاريخ الطبري ٨ / ١٦ ، كان مروان بن
محمّد بن الأشعث يقول : لم يزل بنو مروان يعيَّرون بالزرقاء وان بني العاص من أهل
(صفورية).
غير خفي أنّ أدب الشريعة وإن حرج على
المؤمن التنابز بالالقاب والطعن في الأنساب ، ومَن تستفاد منه الحكم والآداب
الإلهيّة أحرى بالأخذ بها ، إلا أنّ إمام الاُمّة والحُجّة على الخليفة العارف
بالملابسات لا يتعدّى هذه المقررات ، وابتعادنا عن مقتضيات أحوال ذلك الزمن يلزمنا
بالتسليم للإمام المعصوم (ع) في كلّ ما يصدر منه خصوصاً مع مطابقته للقرآن العزيز
الذي هو مصدر الأحكام ، والتعيير الصادر من الحسين لمروان صدر مثله من الجليل عزّ
شأنه مع الوليد بن المغيرة المخزومي إذ يقول في سورة القلم ١٣ : (عُتُلٍّ
بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ)
والزنيم ، في