نام کتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 2 صفحه : 371
يردّ ذا الشيبة المسلم» [١] والمراد به الأسنّ في الإسلام ، كما صرّحوا به في باب
الجماعة ، لا مطلق السنّ.
واقتصر الشيخ [٢] وجماعة [٣] على تقديم
الأسنّ ، وانتقلوا بعده إلى القرعة. ودلائلهم على ذلك تقتضي اعتبار مرجّحات
الإمامة في اليوميّة ؛ إذ لا نصّ على الخصوص هنا يقتضي تقديم الأقرأ أو الأفقه أو
الأسنّ ، فلا وجه حينئذٍ لتخصيص هذه المرجّحات الثلاثة ، فعلى هذا يقدّم بعد
التساوي في السنّ الأسبق هجرةً ثمّ الأصبح وجهاً أو ذكراً ، كما سيأتي إن شاء الله
في باب الجماعة.
والمراد
بالهجرة في الأصل الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام ، وأمّا في زماننا فيحتمل
كونها كذلك. فإن لم تتّفق ، كانت كباقي الأوصاف المعدومة ، حملاً للّفظ على
حقيقته.
وذكر الأصحاب
لها في زماننا تفسيراتٍ أُخر أحسنها : أنّ المراد بها سكنى الأمصار ؛ لأنّها تقابل
سكنى البادية مجازاً عن الهجرة الحقيقيّة ؛ لأنّ الأمصار مظنّة الاتّصاف بشرائط
الإمامة واكتساب كمالات النفس ، بخلاف غيرها من البوادي والقرى التي يغلب على
أهلها جفاء الطبع والبُعْد عن العلوم وكمالات النفس ، وقد روي عن النبيّ «أنّ
الجفاء والقسوة في الفدّادين» [٤].
قال الهروي
ناقلاً عن أبي عمرو : هي الفدادين مخفّفة واحدها : فدّان مشدّد ، وهي البقرة التي
يحرث بها ، وأهلها أهل جفاء ؛ لبُعْدهم من الأمصار ، فأراد أصحاب الفدادين ، كما
قال تعالى (وَسْئَلِ
الْقَرْيَةَ)[٥] و [٦].
وحكي فيه
التشديد ، وهم الذين تعلو أصواتهم في حروثهم وأموالهم ومواشيهم من أهل القرى
والبوادي ، يقال : فدّ الرجل يفدّ : إذا اشتدّ صوته. [٧]
[١] تلخيص الحبير ٢
: ١١٨ / ٧٦٢ ؛ وأورده الشهيد في الذكرى ١ : ٤٢٣.