نام کتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 391
فإن قيل : وجود
الكثرة كافية في ذلك ، فلا فائدة للمادّة حينئذٍ.
قلنا : جاز
كونهما سببين وإن اختلفا حكماً لأنّ مبنى شرعنا غالباً على اختلاف المتّفقات.
ومنها : صحيحة
عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق عليهالسلام قال إذا أتيت البئر وأنت جنب ولم تجد دلواً ولا شيئاً
تغترف به فتيمّم بالصعيد الطيّب ؛ فإنّ ربّ الماء ربّ الصعيد ، ولا تقع في البئر
ولا تفسد على القوم ماءهم [١] أوجب التيمّم بصيغة الأمر المشروط بعدم الماء الطاهر ،
فلا يكون الماء طاهراً على تقدير الوقوع والاغتسال ، ونهى عن الوقوع في البئر وعن
إفساد الماء ، والمفهوم من الإفساد النجاسة. وحمله على نجاسته بغيره بعيد لأنّ
ظاهره استناد الإفساد إلى الوقوع وهو غير مغيّر لحالها. وللزوم تأخير البيان عن
وقت الحاجة.
قيل : لا يتمّ
الاحتجاج بهذا الحديث على النجاسة لأنّ بدن الجنب إذا كان طاهراً كما هو المفروض
والمفهوم من الحديث والمعلوم من غيره ، كحديث الحلبي ، المتضمّن نزح سبع دلاء [٢] إذ نجاسة
المنيّ توجب عند القائل بالتنجيس نزح الجميع ، وبه صرّحوا كلّهم كيف يحكم بنجاسة
البئر بملاقاته مع أنّ نجاسة بدن الجنب حكميّة وهميّة ومثلها لا تتعدّى!؟ فإنّ
الجنب لو غسل في ماء قليل ، لم ينجس إجماعاً ، فالبئر أولى لمكان المادّة.
قلنا : هذا
مجرد استبعاد ، كيف لا! وقد اشتمل البئر على أحكام مختلفة واتفاق حكم نجاسات
متباينة ، ومن أين علم تأثير النجاسات الخاصة في الماء وغيره إلا من قِبَل الشارع؟
فلا يبعد القول بانفعال ماء البئر بذلك وإن لم نقل بانفعال المستعمل لجواز اختصاصه
بالتأثّر ممّا لا يتأثّر به غيره ، والذي نجّسه بتلك الأشياء هو الذي نجّس هذا
الماء بهذه الأشياء ، ويؤيّده أنّ الحكم مختصّ باغتسال الجنب دون غيره ممّن يجب
عليه الغسل ، كالحائض.
قيل : الإفساد
أعمّ من النجاسة لجواز إرادة الإفساد بثوران الحمأة [٣] والطين.
قلنا : قد ورد
الإفساد في أحاديث الفريقين ، فمهما اعترض أحدهما فهو جواب الآخر ،