معنى قولنا : انه
تعالى عادل هو أنه لا يخل [٢] بواجب في حكمته ولا يفعل قبيحا ، وإذا ثبت بالبرهان
كونه تعالى عالما لا يجهل شيئا وغنيا لا يحتاج إلى شيء ثبت كونه عادلا من حيث كان
وقوع القبيح لا يصح الا لجهل به أو لسهو عنه أو حاجة اليه ، وكل ذلك مستحيل فيه
تعالى ، فيجب القطع على كونه عادلا والحكم بجميع أفعاله وما يتعلق بها بالحسن.
وهذا القدر كاف
في تنزيهه سبحانه عن القبيح على جهة الجملة ، وان فقدنا العلم بوجه الحسن في كل
منها على جهة التفصيل ، غير أنا نسلك منهج السلف
رضياللهعنه
في بيان وجه الحكمة في
جميع ما فعله سبحانه وأمر به وأباحه على جهة التفصيل لتكمل الفائدة وتسقط الشبهة
في ذلك من كل وجه.
فأول ذلك إثبات
العقل طريقا الى العلم بوجوب واجبات وقبح قبائح وجبت وقبحت لما هي عليه ليكون
الكلام في العدل وفساد الجبر مبنيا على ذلك وقد سلف بيان ذلك وأوضحنا أن العلم
بوجوب الصدق والإنصاف وسائر الواجبات الأولة وقبح الظلم والكذب وسائر القبائح
الأولة ضروري من أوائل العقول لا تعلق للعبد به ، وأنه انما وجبت الأفعال لكونها
صدقا وإنصافا وقبحت التروك لكونها ظلما وكذبا فأغني عن إعادتها ههنا.
وإذا ثبت ذلك
وجب إثباته سبحانه قادرا على القبيح ليصح تنزيهه عنه ، والدالة على ذلك ثبوت كونه
تعالى قادرا لنفسه ، وذلك يقتضي كونه سبحانه