نام کتاب : رسائل آل طوق القطيفي نویسنده : الشيخ أحمد آل طوق جلد : 1 صفحه : 183
مشيئة مطلقة من غير إرادة ، فهذه مرتبة معدّة لحصول النيّة وليست بنيّة ،
فلا نسلّم ترتّب الثواب والعقاب عليها ، ولا يمكن حمل الخبر عليها ؛ لغموض معناها
، وغموض الفرق بينها وبين النيّة التي يترتّب عليها الثواب أو العقاب. ولا يخاطب
الشارع عامّة المكلّفين بمعرفة مثلها ، ولا يترتّب عليها تكليفهم.
وبالجملة ، فهذا القسم إن تحقّقت معه النيّة اتّحد بالثالث ،
وجرى فيه ما مرّ من التفصيل ، وإلّا منعنا حمل الخبر عليه. ولا نعقل قسماً ثالثاً
بين الأوّل والثالث إلّا ما ذكرناه من إحضار أحدهما بالبال للأمر به والائتمار ،
أو النهي عنه والانتهاء ، وهذا قد مرّ تفصيل حكمه.
وأما نفيه
الخلاف بين الأُمّة في هذا على الإطلاق ، ففيه ما لا يخفى على من تدبّر ما أسلفناه
من التفصيل ، والاتّفاق على هذا الإطلاق ممنوع ، والسند ما ذكر من الأدلّة
القاطعة. وأمّا ما نقله عن بعض العامّة من اختصاص هذه الأُمّة بهذه الكرامة ،
فباطل ؛ لما مرّ ، ولأن هذه الكرامة من مقتضى رحمة الله وعدله الذي عمّ جميع
مخلوقاته.
ثم
قال رحمهالله : ( الثالث : العزم ، وهو : التصميم وتوطين النفس على الفعل أو
الترك. وقد اختلفوا فيه ، فقال كثير من الأصحاب : إنه لا يُؤاخذ به ؛ لظاهر هذه
الأحاديث. وقال أكثر العامّة والمتكلّمين والمحدّثين ، ومنهم القاضي : أنه يُؤاخذ
به ، لكن بسيّئة العزم لا بسيّئة المعزوم عليه ؛ لأنها لم تُفعل ، فإن فعلت كتبت
سيّئة ثانية ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ
يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ
)[١].