نام کتاب : رسائل آل طوق القطيفي نویسنده : الشيخ أحمد آل طوق جلد : 1 صفحه : 180
النيّة السابقة بما يفعله من الطاعات بعدها. وعلى مثله تحمل الأخبار
الكثيرة التي ظاهرها أن فعل الطاعة يمحو الذنب ، مثل مَن صلّى بالليل غفر له ما
أجرم بالنهار [١] نقلتُهُ بالمعنى وقس عليه أمثاله.
فيكون المراد
من الذنوب التي تمحوها الطاعات : مثل نيّة فعل الذنب الذي لا يعمله لا لمانع قهريّ
مع بقاء نيّة فعله.
ويحتمل قويّاً
دخول الصغائر التي لا يتكرّر فعلها من فاعلها ، ولم يصرّ على نيّة فعلها ، بل التي
يفعلها مرّة واحدة ثمّ يُعرض عنها عن توبةٍ وندم ، أو عن إعراضٍ ؛ لانصراف شهوته
أو حاجته إليها.
وعلى كلّ حالٍ
ليس في الخبر المبحوث عنه دلالة على عدم الإثم بنيّة المعصية ، فإنه إنما قال سلام
الله عليه ـ مَنْ هَمَّ بسيِّئة ولم يعملها لم تكتب عليه أي تلك السيئة. فظاهره
إرادة النيّة الجزئيّة للعمل الجزئيّ ؛ لأنه في الحقيقة لا نيّة حينئذٍ ؛ إذ لا
نيّة إلّا والمنويّ معها ، فإذا لم يعمل حينئذٍ ما نواه لم يكتب عليه وزر ، ولم
يُنفَ وزر نيّتها والهمّ بها إذا كان كلّيّاً مستقرّاً. وهذا لا شكّ فيه ؛ فإنه
مقتضى العدل ، فإن العدل الرحيم لا يؤاخِذ مَن نوى سيّئةً بعذاب مَن هَمّ بالسيّئة
وعملها ، فلا يكتب عليه تلك السيّئة المنويّة ما لم يعملها ، وإنما يكتب عليه وزر
نيّته التي منويّها معها ، فلا تُكتب عليه بمجرّد نيّته السيّئةُ سيّئةً حتّى يعمل
السيّئة ، فتكتب عليه السيّئة ونيّتها ، فتفطّن.
ومن همّ بها أي
السيّئة وعملها كُتِبتْ عليه سيِّئة بالإجماع الضروريّ ، والكتاب [٢] ، والسنة
المتواترة المضمون ، والعقل الذي يعرف العدل ؛ فإن هذا مقتضاه. ولا يخلّص المكلّف
من إثم المعصية ونيّتها المستقرّة إلّا التوبة المعتبرة شرعاً ، أو التصفية
بالعذاب في الدنيا أو الآخرة ، أو هما بعد شفاعة الشافعين ، صلوات الله وسلامه على
محمّدٍ : وآله.