وعلى الثاني تكون حقائق
متشرّعة لا غير ، فبين الحقيقة الشرعيّة وحقيقة المتشرّعة عموم مطلق ، إذ كلّ من
قال بالاولى لزمه القول بالثانية ، ولا عكس.
ثمّ على الثاني ،
فهل الألفاظ حيثما جرت على لسان الشارع وغيره هل هي مجازات لغويّة أو حقائق لغويّة؟
وجهان ، مبنيّان على ثبوت استعمال الشارع لها في غير معانيها اللغويّة من المعاني
المحدثة الشرعيّة مجازا ، أو عدم استعماله لها إلاّ في معانيها اللغويّة. غاية
الأمر ، إنّه أضاف إليها من الزوائد الثابتة في الشرع ما يكون بالقياس إليها قيودا
وشروطا.
وقد صار إلى
أوّلهما الجمهور ، والأكثرون من نفاة الحقيقة الشرعيّة أيضا.
وإلى ثانيهما
القاضي على ما اشتهر من نسبة هذا القول إليه ، وإن نفاها بعض المحقّقين [١] قائلا : بأنّ المشهور اختيار القول بالمجازيّة ، وإنّ ما ذكر محض احتمال لم
يقل به أحد ، فهو على النسبة المذكورة منكر لأصل استعمال هذه الألفاظ في لسان
الشارع في المعاني الشرعيّة المحدثة الثابتة لها في عرف المتشرّعة ، ومحصّل مقالته
: إنّها في لسان الشارع كانت مبقاة على معانيها اللغويّة ، ولم يتطرّق إليها نقل
ولا تجوّز ، بل حيثما استعملت اريد منها هذه المعاني ولو في غير الأوامر والطلبات
، حتّى أنّ المطلوبات بتلك الأوامر إنّما هي هذه المعاني.
غاية الأمر ،
اعتبار انضمام الزوائد إليها لكونها شروطا لوقوعها وامتثال الأوامر المتعلّقة بها
، وقد اتّفق غيره من نفاة الحقيقة الشرعيّة ومثبتيها على بطلان مقالته ، فعلم بما
ذكر أنّ في الألفاظ الشرعيّة نزاعين :
أحدهما
: ما وقع بين القاضي وغيره من إنكار أصل
الاستعمال وإثباته.
وثانيهما
: ما وقع بين غيره من إثبات الوضع الشرعي
لتلك الألفاظ ونفيه ، مع اتّفاق
الفريقين على تحقق أصل الاستعمال ولو على وجه المجاز.
وأمّا
الأصل في المسألة : فلا بدّ من تأسيسه ليكون مرجعا في الموارد
[١] هو سلطان
العلماء رحمهالله
في حاشيته على المعالم.