وفيه : من الضعف
ما لا يخفى ، فإنّ هذه الروايات إنّما سيقت لبيان استمرار شريعة محمّد صلىاللهعليهوآله إلى يوم القيامة ، على معنى أنّها لا تنقطع بشرع نبيّ آخر ، حيث لا نبيّ بعد
خاتم النبيّين صلىاللهعليهوآله ، ولذا لا يفهم تعارض بينها وبين أدّلة وقوع النسخ في
موارد مخصوصة ، وعليه فيكون المجموع من الناسخ والمنسوخ من شريعة محمّد صلىاللهعليهوآله ، ومعنى استمراره : إنّ الأمر الدائر بين الناسخ والمنسوخ حكم مستمرّ إلى يوم
القيامة.
وأضعف منه التمسّك
باستصحاب عدم النسخ ، فإنّ مرجع الكلام في الترجيح في باب تعارض الأحوال إلى إحراز
دلالة الخطاب ، والاستصحاب من الاصول العمليّة الّتي اخذ في موضوعاتها انتفاء
الدلالة رأسا.
ولا ريب أنّ ما
احذ في موضوعه انتفاء الدلالة لا يصلح محرزا للدلالة ، فالوجه في الترجيح هو ما
بيّنّاه من الوجوه الثلاث.
وخامستها
: تعارض التخصيص والتقييد ، الّذي مرجعه إلى تعارض العموم والإطلاق كما في قوله : «
أكرم العلماء ، ولا تكرم الفاسق » مثلا ، لتعارضهما في مادّة الاجتماع وهو «
العالم الفاسق » فلا بدّ من تصرّف إمّا بتخصيص العامّ أو تقييد المطلق ، والأرجح
هاهنا هو التقييد كما ذكره الاصوليّون ، لقاعدة الإلحاق الملحقة للمشتبه بالأعمّ
الأغلب ، لغلبة التقييد بحسب الوقوع الخارجي على التخصيص ، كما ربّما يفصح عنه كون
المطلقات أكثر بمراتب شتّى من العمومات الّتي ليس لها إلاّ صيغ مخصوصة.
وبالجملة :
العمومات مقصورة على ألفاظ مخصوصة ولا كذلك المطلقات ، فإنّها بغاية كثرتها كغير
المحصور ، فتأمّل.
هذا مضافا إلى أنّ
العامّ بنفسه أظهر في العموم من المطلق في الإطلاق ، ولك أن تأخذ غلبة التقييد
بالنظر إلى التخصيص جهة لتقوية ظهور العامّ وتوهين ظهور المطلق ، وأيّا ما كان
فالواجب اختيار التقييد ترجيحا للأظهر على الظاهر.
وقد يستدلّ بناء
على ما حقّقه سلطان العلماء من كون التقييد حقيقة ، بأنّ