تقدير الثبوت على
الثمرة المطلوبة من وضع الطرق ، وهو استعلام حال خطاب الشرع ، لمكان اختصاصه
بألفاظ لغة العرب الّتي هي موضع تلك الثمرة ، بخلاف سائر الطرق فإنّ كبراها عامّة
تجري في سائر اللغات أيضا ، فلا بدّ في أخذ الثمرة عنها من أخذ موضوع الصغرى من
ألفاظ لغة العرب.
ثمّ إنّ هذا
الطريق إنّما يحتاج إليه في استعلام أوضاع موادّ ألفاظ هذه اللغة ، وأمّا معرفة
أوضاع هيئآتها مفردة ومركّبة ـ كصيغتي الأمر والنهي ، والجملة الشرطيّة ونحوها ـ فتكفي
في حصولها معرفة هيئآت سائر اللغات ، لما هو معلوم بحكم الضرورة والاستقراء
القطعيّ كون اللغات المتخالفة باعتبار أوضاع هيئآتها ألفاظا مترادفة ، والتباين
إنّما حصل فيها باعتبار موادّها ، فالحاصل إذا ثبت في الهيئآت المذكورة من اللغة
الفارسيّة أو التركيّة أو الهنديّة كونها للإيجاب والتحريم والانتفاء عند الانتفاء
، فهو في معنى ثبوت كون صيغتي الأمر والنهي والجملة الشرطيّة من اللغة العربيّة
أيضا لهذه المعاني على سبيل الجزم ، ولا حاجة معه إلى تكلّف النظر في قول اللغويّ.
نعم معرفة موادّ
اللغة الفارسيّة أو التركيّة أو غيرها لا تغني عن معرفة موادّ لغة العرب.
ثمّ قول اللغوي في
مثل « الصعيد : وجه الأرض » ليس المراد منه مجرّد اللفظ والعبارة ، بل الرأي
والاعتقاد بمؤدّاهما ، ولو اريد اللفظ والعبارة فإنّما يرادان باعتبار كشفهما عن الاعتقاد
بالمؤدّى.
وبالجملة مناط
الكلام اعتقاد اللغويّين ، الّذي يكشف عنه الألفاظ الصادرة عنهم في مقام بيان
المعاني والأوضاع.
ثمّ إنّه لا ينبغي
التكلّم في اعتبار قول اللغوي من باب كونه طريقا إلى الواقع ، على معنى استلزامه
كون المعتقد هو الواقع ، حتّى يكون العلم به إحرازا للواقع نفسه ، لوضوح أنّ
الطريقيّة بهذا المعنى فرع على الملازمة الواقعيّة بينه وبين الواقع ، وقد علمنا
انتفاءها لقضاء الضرورة بجواز الخطأ على غير المعصوم ، وإنّما يستحيل