المعدومات أيضا ،
لأنّها أيضا إذا اخذت خارجة عن الذهن تصلح لأن توضع لها الألفاظ ويتعلّق بها
الأحكام ، كما يفصح عنه قولنا : « العنقاء معدوم » و « شريك الباري ممتنع » لوضوح
أنّ العدم والامتناع يلحقان الأمر الخارج عن الذهن ، وكما يجوز لحوق نحو هذه
الأحكام به ، فكذلك يجوز لحوق الوضع به.
وبالتأمّل في جميع
ما قرّرناه يتبيّن بطلان أدلّة سائر التفاصيل المحدثة في المسألة ، كما تبيّن بما
قرّرناه سابقا في تحرير المسألة ، وتوضيح موضوعها وبيان معنى العنوان فيها ، فساد
هذه التفاصيل في حدّ أنفسها ، من حيث عدم تحمّل عنوان المسألة بالمعنى المتقدّم
شيئا من التفاصيل ، وعدم تفاوت الحال في دوران وضع الألفاظ الموضوعة بين كونها
وضعا بإزاء حقائق المعاني وأعيانها الخارجة عن الأذهان ، بين المعاني جزئيّة أو
كلّية ، موجودة أو معدومة ، ممكنة أو ممتنعة.
وكيف كان ،
فاستدلّ لأوّل التفاصيل على الوضع للخارجيّة فيما له مصداق خارجي بالاستعمالات
العرفيّة المتقدّم أمثلتها ، وللذهنيّة فيما لا مصداق له ، بعدم إمكان الوضع له
إلاّ بهذا الاعتبار ، حيث لا وجود له في الخارج ، حتّى يقال : بأنّ الوضع فيه أيضا
للامور الخارجيّة ، وفيه ما يظهر بالتأمّل فيما تقدّم.
ولثانيها على
الوضع للماهيّة في اللامور الكلّية بالظهور المقرّر : بأنّ الظاهر أنّها موضوعة
للماهيّة من حيث هي مع قطع النظر عن الوجودين ، والظاهر أنّ المراد به التبادر ،
وإلاّ فلا يخلو عن مصادرة.
وعلى الوضع
للخارجيّة في الجزئيّات بعدم إمكان الوضع للماهيّة فيها ، إذ الأشخاص ليس لها
ماهيّة سوى الماهيّة الكلّية ، بل الظاهر أنّ التشخّص ليس في هويّته أمر سوى
الماهيّة ، لا العوارض الخارجيّة ولا أمر نسبته إلى الماهيّة النوعيّة كنسبة الفصل
إلى الجنس ، بل الماهيّة الكلّية إذا وجدت صارت متشخّصة بدون ضمّ شيء إليها ،
فالألفاظ الّتي تدلّ على الأشخاص ليست موضوعة لتلك الماهيّة ، بل لها من حيث
التشخّص بالوجود ، وهو معنى الوضع للامور الخارجيّة.
ولثالثها على
الوضع للماهيّة ما مرّ من دعوى الظهور ، وعلى الوضع للخارجيّة