قلنا : إن
الخصم إنما تمسك بأن الصلاة بالاجرة [منافية] [١] للقربة والإخلاص بها لله سبحانه ، حيث إن الحامل عليها
إنما هو الاجرة دون قصد وجهه سبحانه.
وبمقتضى تعليله
أنه لا يصحّ شيء من هذه الصلوات بالكلية ، فإن الباعث عليها امور اخر ـ كما عرفت
ـ مع أن الشرع قد ورد بصحّتها ، وليس الوجه في ذلك إلّا ما قلناه من أن هذه
الأسباب إنما هي أسباب حاملة على الإتيان بالصلاة الخالصة له سبحانه. ومثله يجري
في مسألة الإجارة فلا فرق حينئذ.
وبالجملة ،
فكما يصحّ أن يكون الحامل على العبادة أحد هذه الامور ، كذلك يجوز أن يكون الحامل
استحقاق الاجرة والانتفاع بها.
الثالث
: ما ذكره بقوله
: (وأما جواز الاستيجار للحجّ مع كونه من القسم الأوّل) ـ إلى آخره ـ ففيه :
أوّلا
: أنه من الجائز
الواقع أن يكون الاستيجار من الميقات أو من مكة وهو ممّا لا يجري فيه هذا التخرّص
الذي ذكره والتمحّل الذي اعتبره ، فلا يكون ما ذكره كليّا مع أن ظاهر النصوص كليّة
الحكم ، وهو كاف للخصم في التعلّق به ؛ فإنه لا ينكر صحّة.
وثانيا
: أنه يمكن أيضا
إجراء ما فرضه في الحج في الصلاة بأن يقبض الأجير [٢] الاجرة
ويتصرّف فيها بعد الاستيجار ، ولا يأتي بالصلاة إلّا بعد نفاد الاجرة ؛ إذ الإجارة
لا تقتضي الفورية كما هو الأشهر الأظهر. وحينئذ ، فيمكنه التقرّب بها كما لو لم
يكن أخذ اجرة ، فهو كالمتطوّع.
وثالثا : أن
بقوله : (أو نقول : إن ذلك على سبيل لاسترضاء للمتبرّع) مناف لفرض المسألة أولا ،
فإن المفروض الاستيجار للحجّ كما صرّح به في كلامه ،