والظاهر أنّها
مجاز فيه ، والتبادر للقرينة ، وهي مسبوقيّتها بالمنع.
وما ذكره أخيرا
دلّ على أنّ رفع المنع ليس مدلولها ليكون للقدر المشترك بين الثلاثة ، بل لازمها
العقليّ. وقد عرفت [١] أنّه لا كلام فيه ، إنّما الكلام في مدلوله الحقيقي ، وهذا
القائل سكت [٢] عنه. هذا.
ولا يبعد عندي أن
يقال : إنّ صيغة الأمر بعد الحظر تدلّ شرعا وعرفا على ما كان ثابتا قبل ورود النهي
، سواء علّقت بزوال علّة عروض النهي ، كقوله تعالى : ( وَإِذا حَلَلْتُمْ
فَاصْطادُوا ) ، أو لا ، كقوله عليهالسلام : « كنت نهيتكم ... ». والحكم الثابت قبل النهي إمّا
الوجوب ، أو الندب ، أو الإباحة ، فتكون مشتركة بينها ، ولا ينفكّ [٣] في كلّ موضع عن القرينة الدالّة على الحكم الذي يدلّ عليه ، وهي سبقه على
النهي ، فهي حقيقة شرعيّة وعرفيّة فيه ، وإن لم تكن موضوعة له.
والسرّ فيه أنّ
الشرع والعرف استعملاها فيه مع القرينة حتّى حصل التبادر وسبقه منها إلى الفهم عند
الإطلاق ، فكأنّهما نقلاها عن معناها الأصلي إليه. أمّا الاستعمال فيه ، فظاهر من
الأمثلة الشرعيّة والعرفيّة ؛ فإنّ جميع الأوامر الشرعيّة الواردة بعد الحظر يفهم
منها ثبوت الحكم كما كان قبل النهي واستعملت فيه كذلك ، وكذا الحال في الأوامر
العرفيّة. والمتتبّع لما ورد في ذلك من الشرعيّات والعرفيّات يجزم بذلك.
وأمّا التبادر
وكونه سابقا منها إلى الفهم ، فبيّن بحيث لا يمكن إنكاره.
وعلى هذا ، فيخرج
هذا القسم [٤] عن مطلق الأمر بدليل من خارج ، فلا يجري فيه أدلّة الوجوب.
ثمّ لمّا كان كلّ
ما اتّفق عليه من الأوامر الواردة بعد الحظر بأنّها مستعملة في الوجوب أو الندب أو
الإباحة ـ كالأوامر المتقدّمة ـ ينطبق على ذلك ، فينبغي أن يكون ما شكّ فيه أيضا