مطلقا وإن لم يكن
عطشانا ، وبالأكل من أمواله أيضا ؛ لأنّ المفهوم منه عرفا اجتناب مائه مطلقا ،
وأمواله كذلك. وذكر الماء ، والتقييد بالعطش للمبالغة وإن كان معناه لغة الاجتناب
عن الماء عند العطش.
[
الأمر ] الثاني : لا شبهة أيضا في تقدّم العرف العامّ على الخاصّ ؛ لأنّه أعرف وأغلب. وهذا
في صورة كون اللفظ صادرا عن الشارع ، وكون المخاطب جميع الناس ، أو غير من له
العرف الخاصّ ، ظاهر. وأمّا في صورة كون المخاطب من له العرف الخاصّ ، أو صدور
اللفظ منه في الأيمان وأمثالها ، فالحقّ وجوب الحمل على العرف العامّ أيضا ؛ لأنّه
إن لم يكن أعرف عنده ، فلا شبهة في كونه أغلب وأشهر ، ويجب حمل اللفظ على ما هو
أغلب. والظاهر أنّه أعرف عنده أيضا.
[
الأمر ] الثالث : وجه تقدّم العرف الخاصّ على اللغة ظاهر إذا كان المخاطب أهل العرف المذكور
، أو صدر اللفظ منه ؛ لأنّه أعرف عنده من اللغة. وأمّا إذا كان غيره ، أو جميع
الناس ، فالحقّ وجوب الحمل حينئذ على اللغة ؛ لكونها أعرف.
[
الأمر ] الرابع : قيل في وجه تقدّم الحقيقة الشرعيّة على سائر الحقائق بأنّها طارئة وناسخة
لها ، فيجب حمل اللفظ عليها دونها [١].
أقول : الأمر كذلك
؛ لأنّ ثبوت الحقيقة الشرعيّة موقوف على أن يستعمل الشارع اللفظ في معناه الشرعي
استعمالا يغلب على استعماله في معانيه العرفيّة واللغويّة ، فبعد ذلك يلزم تبادر
المعنى الشرعي عند الإطلاق ، وقبل ذلك لم يثبت حقيقة شرعيّة.
وإذا عرفت ذلك ،
تعلم أنّ كلّ لفظ له الحقائق الثلاث أو الحقيقة الشرعيّة مع إحداهما ، يجب حمله
عند الإطلاق على حقيقته [٢] الشرعيّة ، سواء وقع في كلام الشارع أو غيره ،
[١] قاله الوحيد
البهبهاني في الفوائد الحائريّة : ٩٩ ، الفائدة ٨ ، و ١١٣ ، الفائدة ٥.