والمراد بالمساواة
فيما يقصد فيه المساواة : المساواة في الحقيقة ، سواء كانت في تمام الحقيقة ، بحيث
لا يكون اختلاف إلاّ بالعدد كما في الأوّل ، أو بعضها كما في الثاني ، فلا يلزم
المساواة في القوّة والضعف ، والقطعيّة والظنّ ، فيجوز أن يكون الحكم في الفرع
أقوى أو أضعف.
ثمّ لزوم اعتبار
هذا الشرط على قواعد الفريقين ظاهر ؛ لأنّ المقصود تعدية حكم الأصل إلى الفرع ؛
للاشتراك في العلّة ، ولا يتحقّق الاشتراك بدون وجود حقيقة علّة الأصل بخصوصها أو
عمومها في الفرع.
ومنها : أن يساوي
حكمه حكم الأصل فيما يقصد فيه المساواة من عين الحكم ، كوجوب القصاص في النفس ،
المشترك بعينه بين القتل بالمثقل والمحدّد. أو جنسه كإثبات الولاية على الصغيرة في
نكاحها ؛ قياسا على إثبات الولاية عليها في مالها ؛ فإنّ ولاية النكاح ليست عين
ولاية المال ، ولكنّها تشاركها في الجنس ؛ لأنّ جنس الولاية يجمعهما ، ووجه اعتبار
هذا الشرط ظاهر عندنا وعند العامّة [١].
ومنها : أن لا
يكون منصوصا عليه عند جماعة [٢] ، والنصّ هنا أعمّ من نصّ حكم الأصل وغيره ، فلا تكرار ؛
لما سبق.
ووجه اعتباره أنّه
لولاه لثبت الحكم بالنصّ وضاع القياس.
وفيه نظر ، لما
عرفت [٣] من جواز توارد أدلّة متعدّدة على مدلول واحد. فالحقّ
خلافه. هذا.
وقد شرط قوم القطع
بوجود العلّة فيه ، والدليل على حكمه إجمالا [٤] ، كما يقال : قد
ثبت الحدّ في الخمر من دون تعيّن عدد الجلدات ، فتعيّن بالقياس على القذف.
[١] راجع : المحصول
٥ : ٣٧١ و ٣٧٢ ، وتهذيب الوصول : ٢٦٦.
[٢] قاله الغزالي في
المستصفى : ٣٢٨ ، والفخر الرازي في المحصول ٥ : ٣٧٢ ، والآمدي في الإحكام في أصول
الأحكام ٣ : ٢٧٦ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٦٦ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ :
٣٣٣.